قوله عليه الصلاة والسلام: (فَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ) يحتمل أمرين: أحدهما أن يقع في الحرام وهو يظنّ أنّه ليس بحرام. والثاني: أن يكون المعنى قد قارب أن يقع في الحرام كما يقال: المعاصي بريد الكفر. لأنَّ النفس إذا وقعت في المخالفة تدرّجت من مفسدة إلى أخرى أكبر منها، قيل: وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: ﴿ وَيَقۡتُلُونَ ٱلۡأَنۢبِيَآءَ بِغَيۡرِ حَقّٖۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعۡتَدُونَ ﴾ [آل عمران:١١٢]. يريد أنَّهم تدرّجوا بالمعاصي إلى قتل الأنبياء.
وفي الحديث: ((لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده))[1]، أي: يتدرّج من البيضة والحبل إلى نصاب السرقة، والحمى ما يحميه الغير من الحشيش في الأرض المباحة فمن رعى حول الحمى يقرب أن تقع فيه ماشيته فيرعى فيما حماه الغير بخلاف ما إذا رعى إبله بعيداً من الحمى. واعلم أنَّ كلَّ محرم له حمى يحيط به، فالفرج محرم وحماه الفخذان لأنَّهما جعلا حريماً للمحرم، وكذلك الخلوة بالأجنبية حمى للمحرم، فيجب على الشخص أن يجتنب الحريم والمحرَّم، فالمحرم حرام لعينه، والحريم محرم لأنَّه يتدرّج به إلى المحرّم.
قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: (أَلا وإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً) أي: في الجسد مضغة إذا خشعت خشعت الجوارح، وإذا طمحت طمحت