والطبائع مسخرات بأمره لا فعل لشيء منها بذاته عن ذاته.
٤ - وأما الإلهيّات: ففيها أكثر أغاليطهم، فما قدروا على الوفاء بالبراهين على ما شرطوه في المنطق، ولذلك كثر الاختلاف بينهم فيه، ولقد قرب مذهب أرسطاطاليس فيها من
مذاهب الإسلاميين، على ما نقله الفارابي وابن سينا، ولكن مجموع ما غلطوا فيه يرجع إلى عشرين أصلاً، يجب تكفيرهم في ثلاثة منها، وتبديعهم في سبعة عشر. ولإبطال مذهبهم في هذه المسائل العشرين صنّفْنا "كتاب التهافُت"، أمّا المسائل الثلاث، فقد خالفوا فيها كافّة المسلمين وذلك في قولهم:
i. ½إن الأجساد لا تحشر، وإنما المثاب والمعاقب هي الأرواح المجرّدة، والمثوبات والعقوبات روحانيّة لا جسمانيّة¼. ولقد صدقوا في إثبات الروحانية: فإنها كائنة أيضاً، ولكن كذبوا في إنكار الجسمانيّة، وكفروا بالشريعة فيما نطقوا به.
ii. ومن ذلك قولهم: ½إن الله تعالى يعلم الكليات دون الجزئيات¼، فهو أيضاً كفر صريح، بل الحقّ أنه: ﴿لَا يَعۡزُبُ عَنۡهُ مِثۡقَالُ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾ [سبأ:٣].
.iii ومن ذلك قولهم: ½بقدم العالم وأزليته¼، ولَمْ يذهب أحد من المسلمين إلى شيء من هذه المسائل. وأما ما وراء ذلك من نفيهم الصفات، وقولهم: ½إنه عليم بالذات لا بعلم زائد على الذات وما يجري مجراه¼، فمذهبهم فيها قريب من مذهب المعتزلة، ولا يجب تكفير المعتزلة بمثل ذلك. (المنقذ من الضلال)