كون الهيولى التي هي جزء الجسم مكانا مما لا يشتبه على عاقل فضلا عمّن كان مثله في الفطانة. (كشاف اصطلاحات الفنون)
وسئل الإمام أحمد رضا عن إمكان الخلاء، فقال: إن كان المراد بالخلاء فضاءً فهو واقعي، وإن كان المراد به الفضاء الخالي عن جميع الأشياء فهو غير موجود لكنّه ممكن. وأدلّة الفلاسفة في إبطال الجزء الذي لا يتجزأ والخلاء مردودة وواهية. وقال فضل حق في "الهدية السعيديّة": اختلف في أنه هل يمكن خلو المكان عن المتمكن أو لا يمكن، فذهب القائلون بأن المكان هو البُعد الموهوم، وبعض القائلين بكونه هو البعد المجرد إلى إمكانه، وذهب أصحاب السطح، وبعض أصحاب البعد المجرد إلى امتناعه، وهو الحقّ؛ لأن حشو المكان الخالي عن المتمكن كما بين أطراف الإناء مثلا: إذا فرض أنه ليس يشغله جسم، إما أن يكون لا شيئا محضا وهو باطل؛ لأنه يتفاوت صغرا وكبرا وزيادة ونقصانا، ويكون قابلا للانقسام، واللاشيء المحض لا يمكن اتصافه بهذه الأوصاف، أو يكون شيئا، فإما أن يكون بُعدا أو لا والثاني باطل؛ لأنه ممتدّ منقسم فهو بُعد ألبتة، وعلى الأول: فإما أن يكون بُعدا مجرّدا، فقد تبيّن بطلانه، أو يكون بُعدا مادّيا فهو إذن جسم لا مكان خال هذا خلف. وأوّل ما أضل القائلين بالخلاء أنهم زعموا أن ما ليس بمبصر ليس بجسم، فصاروا يظنّون أن الهواء ليس بجسم، وصاروا من ذلك إلى أن اعتقدوا أنّ المكان الذي فيه الهواء مكان خال؛ وإذ قد نبهوا بالأزقاق المنفوخة، وبتحرك الأهوية بالمراوح على أن الهواء جسم، فمنهم من رجع عن اعتقاد الخلاء إلى الإذعان بجسمية الهواء، ومنهم من أصرّ على عقيدته، وقال: إن الهواء خلاء يخالطه ملأ، وهذا كلّه جزاف لا ينبغي للعاقل فضل الاشتغال به.