عنوان الكتاب: هداية الحكمة

أوْ لا يکونُ، لا سبيلَ إلی الثاني، لأنَّه لو لم يکنْ مانعاً لکانت الأَجزاءُ مُتَداخِلةً[1]، فلا يکونُ وسطاً[2] وطرفاً[3]، وقد فرضْنا الوسطَ والطّرفَ، وهذا خُلف، فثبت کونُه مانِعاً مِن تلاقيْهِما، فما به يُلاقي الوسطُ أحدَ الطّرفين غيرُ ما به يُلاقي الطرفَ الآخرَ، فيَنقسمُ[4]،


 



وتقرير الثاني: أنه لو كان الجسم مؤلفاً من أجزاء لا تتجزأ لأمكن أن يقع جزءٌ علی موضع التقاء الجزئين، فنقول: ذلك الجزء الواقع علی ملتقى الجزئين، إمّا أن لا يلاقي شيئاً منهما، أو يلاقي بعض كل واحد منهما، أو يلاقي بعض واحد وكل الآخر، والأول باطل بالبداهة وإلّا لم يكن علی الملتقى، والثاني والثالث يستلزمان الانقسام، هذا خلف. (سعادت) وردّ الشيخ الإمام أحمد رضا خان رحمه الله على الفلسفة القديمة رداً بليغاً مَن شاء التفصيل فليراجع إلی كتابه المستطاب مسمّى بـ"الكلمة الملهَمة في الحكمة المحكَمة لِوهاء الفلسفة المشئمة"، فقال الإمام احمد رضا خان رحمه الله حول الجزء الذي لا يتجزّأ: إنّ الجزء الذي لا يتجزأ ثابت، وأثبت دعواه بدلائل متعددة فمنها قوله تعالى: ﴿ إِذَا مُزِّقۡتُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍ [سبأ:٧], موضع الاستشهاد جزء الآية ﴿ كُلَّ مُمَزَّقٍ ﴾؛ لأنّ الله تعالى مزّق أجسادهم بكل تقسيم ممكن, وإذا وقع التقسيم الممكن بأجسامهم فلا يبقى إلا الجزء الذي لا يتجزّأ, فالجزء الذي لا يتجزأ ثابت. ومنها: أنّ الجزئين اللّذَين فرضوا أنهما لا يتجزّآن, لا نسلّم ذلك؛ لأن الجزء الذي لا يتجزأ لا يقال فيه شيء دون شيء، وما لا يقال فيه شيء دون شيء ليس له طرفان. وبهذا ظهر أن الجزئين اللّذين فرضوهما غير متجزئين هما متجزّآن البتة. (العلميّة)

[1] قوله: [متداخلة] وتداخل الجواهر أي: دخول بعضها في حيز بعض آخر بحيث يتحدان في الوضع والحجم محال بالبداهة. (الميبذي)

[2] قوله: [وسطاً] لأنه لم يتوسط؛ لأن مِن حق الوسط أن يكون مانعاً وإلاّ لم يعدّ وسطاً.

[3] قوله: [طرفاً] لأن الطرف هو منتهى الشيء, وعلی تقدير التداخل لم ينته الشيء إليه.

[4] قوله: [فينقسم] لا يقال هذا يستلزم أن يكون له نهايتان ويجوز أن يكون لشيء واحد غير منقسم في ذاته نهايتان هما عرضان حالّان فيه لأنا نقول إن كانت النهايتان حالتين في مَحلّ واحد بحسب الإشارة فيكون الإشارة إلی إحداهما عين الإشارة إلی الأخری فيلزم تلاقي الطرفين, وإن كانتا حالتين في محلّين متمايزين بحسب الإشارة فيلزم الانقسام ولو وهماً إذ يمكن حينئذ أن يتوهم فيه شيء دون شيء كما يشهد به البداهة. (الميبذي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118