عنوان الكتاب: هداية الحكمة

فصل في الحيّز[1]

کل جسم[2] فله حَيِّز طبعي[3][4]؛ لأنا لو فرضنا عدَم القواسر[5] لکان في حيّز، وذلك


 



[1] قوله: [في الحيّز] لم يتعرض لتعريفه اكتفاء بتعريف المكان، إما لاتحادهما أو إما لتجويز التعريف بالأخص كما هو رأي المتقدمين وإما لحصول معرفة الأعم بوجه من تعريف الأخص. واعلم أن الحيز ما يمتاز به الجسم في الإشارة الحسية, وهو الوضع وهو الطبعي لكل جسم لا المكان أعني السطح الباطن من الحاوي؛ فإن الأرض مثلا إنما تطلب المركز لا سطح الماء حيث كان, وإنما سطح الماء مطلوب بالعرض حيث كان حيزاهما متجاورين. والحيز عندهم أعم من المكان؛ إذ لبعض الأجسام حيز ولا مكان كفلك الأفلاك وأما عند القائلين بالبُعد المجرد فالمكان والحيز واحد, وأما عند القائلين بالبعد الموهوم فيفهم من كلام التفتازاني رحمه الله في "شرح عقائد النسفي" أن الحيز أعم من المكان حيث قال: ½المتمكن أخص من المتحيز لأن الحيز هو الفراغ الموهوم الذي يشغله شيء ممتد أو غير ممتد¼. حاصله أن الحيز يشمل الجزء الذي لا يتجزى بخلاف المكان فإنه مختص بالجسم فتدبر. (ملخصا من الحواشي)

[2] قوله: [كل جسم]  سواء كان فلكياً أو عنصرياً فله حيز طبعي. (الميبذي)

[3] قوله: [فله حيز طبعي]  إن الحيز الطبعي هو ما يكون لذات الجسم مدخل فيه سواء كان مستنداً إلی جزئه أو نفس ذاته أو لازم ذاته، وهذا موافق لما في "الشفاء", والمفهوم من بعض مؤلفاته أنّ المكان الطبعي هو ما يكون مستنداً إلی الصورة النوعية حيث أبطل إسناد ذلك المكان إلی الجسمية، وقال ولا إلی الجسميّة المشتركة؛ لأن نسبتها إلی الأمكنة كلّها علی السوية بل لأمر داخل فيه مختصّ به وهو المراد من الطبيعة، وهذا المعنى أخص من الأول. ودليل المصنف بظاهره دالّ علی الأول حيث يقول: ½وذلك الحيز إما أن يستحقّه لذاته¼. (عين القضاة)

[4] قوله: [فله حيز طبعي] قال الإمام أحمد رضا في ردّه: لا يلزم للجسم أن يكون له حيّز طبعيّ, وكذا ما زعموا لزومه للجسم من الشكل الطبعيّ والمقدار, فالحق أنّه ليس شيء منها بالازم. وفرضوا في دليل إثباته عدم القواسر؛ لأنّهم لو لم يفرضوا عدمَها لزم الترجيح بلا مرجّح وهو باطل, قُلنا: واللزوم باطل؛ لأنّ للفاعل أن يرجّح الشيء على الشيء بإرادته كما لا يخفى على مَن له أدنى تأمل, (ولكل أمر فاعل, والفاعل الحقيقي في الحقيقة الله جل سبحانه تعالى) فالفاعل مرجّح. فلم يلزم الترجيح بلا مرجّح. (العلمية)

[5] قوله: [عدم القواسر] وهي الأمور الخارجة عن الجسم المؤثرة فيه تأثيرا غريبا كرمي الحجر إلى فوق. وإنما فرضوا عدم القواسر لأنه لو كان جسم في حيز لقاسر لم يكن ذلك الحيز حيزه الطبعيّ. (سعادت بزيادة)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118