عنوان الكتاب: هداية الحكمة

البحث في الجزء الذي لا يتجزّأ

البحث عن الجزء الذي لا يتجزأ ليس بحثا أصليّا بل ضمنيا بالجسم المفرد أو البسيط؛ لأن الجسم عند الحكماء المشّائين مركب من الهيولى والصورة الجسمية، وعند المتكلمين مركب من الجواهر المفردة. وههنا مذاهب أخرى، لأنّ أصل الاختلاف بأنّ الجسم إما مركب من أجسام مختلفة الطبائع كالحيوان (الحيوان مركب من الأعضاء المركّبة كالرأس والعين مثلا أوّلا، و المفردةِ كاللحم والعظم ثانيا، ومن الأركان الأربعة ثالثا) أو متفقة الطبائع كالجسم المركب من جزئين من الأرض متماسين. وإما مفرد ليس مركبا من الأجسام. والجسم المفرد قابل للتجزي والانقسامِ إلى أجزاء مقداريّة ألبتة بنحوٍ من أنحاء القسمة، فإما أن تكون أجزاؤه الممكنة فيه حاصلة موجودة بالفعل أو تكون موجودة بالقوة. وعلى التقديرين فإما أن تكون تلك الأجزاء متناهية أو غير متناهية، فهذه أربعة مذاهب مشهورة.

الأوّل: أن جميع الأجزاء الممكنة في الجسم موجودة فيه بالفعل ومتناهية، وعلى هذا يكون الجسم مؤلفا من أجزاء موجودة لا تتجزأ غير قابلة لنحو من أنحاء القسمة؛ لأنها لو كانت قابلة لنحو من أنحاء القسمة كانت أجساما، فلا يكون المؤلّف منها جسما مفردا، وقد كان الكلام في الجسم المفرد وهذا خلف، وهذا مذهب جمهور المتكلّمين.

الثاني: أن جميع الأجزاء الممكنة في الجسم متناهية موجودة فيه بالقوة، وعلى هذا يكون الجسم متصلا، ليس فيه جزء بالفعل، لكنه قابل للقسمة والتحليل إلى أجزاء


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118