(القسم الثاني والثالث)
القسم الثاني في الطبعيّات
وهو مُرتَّب علی ثلاثةِ فنون.
الفنّ الأوّل فيما يعُمُّ الأجسامَ وهو مُشتمِل علی عشرةِ فصولٍ.
فَصْلٌ: في إبطالِ الجُزءِ الَّذيْ لا يَتَجَزَّأ
لأنّا لو فرضنا جزءاً بين جُزئيْن، فإمَّا أنْ يکونَ الوسطُ مانِعاً مِن تلاقي الطَّرفيْن أوْ لا يکونُ، لا سبيلَ إلی الثاني، لأنَّه لو لم يکنْ مانعاً لکانت الأَجزاءُ مُتَداخِلةً، فلا يکونُ وسطاً وطرفاً، وقد فرضْنا الوسطَ والطّرفَ، وهذا خُلف، فثبت کونُه مانِعاً مِن تلاقيْهِما، فما به يُلاقي الوسطُ أحدَ الطّرفين غيرُ ما به يُلاقي الطرفَ الآخرَ، فيَنقسمُ، وَلأنَّا لو فرضْنا جُزءاً علی مُلتقی جُزئَيْن، فإِمّا أن يُلاقي واحداً مِنهُما فقطْ أَو مَجموعَهما، أو مِنْ کل واحد منهما شيئا، الأوّل مُحال و إلّا لم يکن علی المُلتقی، فتعيّن أحدُ القِسمَين الأخيرَين، فيَلزم الانْقسامُ لا مَحالةَ.
فصلٌ في إثباتِ الهَيُولی
کُلّ جسمٍ فهو مُرکَّب من جزئَين يَحُلُّ أحدُهُما في الآخَر، ويُسَمّی المَحَلُّ الهَيولی والحالُّ الصورةَ، وبُرهانُه: أنَّ بعضَ الأجسام القابلةِ للانفِکَاك مثل الماء والنارِ، يجِبُ أن يکونَ في نفسِه متَّصلاًواحداً، وإلّا لزِم الجزءُ الَّذي لايَتَجَزّأ، ويلزَم مِن هذا إثباتُ الهَيُولی في الأجسامِ کُلِّها؛ لأنَّ ذلك المتّصل قابِلٌ للانفصال، فالقابلُ للانفصالِ في الحقيقةِ إمّا أنْ يکونَ هو المقدار أو الصُّورة المستلزِمة للمِقدار أو معنی آخر، لا سبيلَ إلی الأوّل والثّاني، وإلّا لَزِم اجتِماع الاتّصالِ والانفصال، والقابِل يجِب وجودُه مع المَقبولِ، فتعيَّن أن يکون القابلُ مَعنی آخر، وهُو المَعنی مِن الهَيُولی، وإذَا ثبَت أنَّ ذلك الجسمَ مُرکَّب مِن الهيولی والصُّورة وجَب أن تکونَ الأجسام کلُّها مرکبةً من الهيولی والصورة؛ لأنَّ الطبيعة المقداريّةَ إمّا أن تکون بذاتِها غنيةً عن المحلّ أو لمْ تکنْ، والأوَّل مُحالٌ وإلّا لاسْتحالَ حُلُولُها في المَحَلّ المستلزِم لافتِقارها إليه؛ لأنَّ الغنيّ بذاته عن الشيءِ استحالَ حُلُولُه فيه، فتعيّن افتقارُها بذاتها إلی المَحلّ، فکُلّ جسمٍ مرکبٌ من الهَيُولی والصُّورةِ.