أن طبيعة الجسم لا تقتضي تناهي أبعاده ولا تستلزم من حيث هي وما يعرض للشيء بواسطة ليست مستندة إلى ذاته ولا لازمة له من حيث هو لا يكون عارضا له لذاته وهذا بعينه وارد في المكان بمعنى السطح فإن حصول الجسم فيه موقوف على وجود جسم حاوٍ وهو أمر غريب قطعا بخلاف المكان بمعنى البعد فإن حصول الجسم فيه موقوف على حصوله وهو وإن لم يستند إلى ذات الجسم لكنه لازم له من حيث هو¼.
وأيضا قد ردّ عليه الإمام أحمد رضا في المقام السادس من رسالته "الكلمة الملهمة" بقوله: ½قد ثبت أن الخالق عزوجل فاعل مختار، فأيّ ضرورة للمخصّص؟ وأما قول الفلاسفة إنّ التخصيص بالفاعل ليس بممكن، فإن يُرَدْ بالفاعل الفاعل الحقيقي فهذا كفر صريح، وإن يُرَدْ به العقل الفعّال عند الفلاسفة فهو أيضا كفر؛ لأن فيه القولَ بكون غير الله موجدا للأجسام¼. فإنْ قلتَ: قد أثبتَ الحيز والشكلَ العلماءُ الإسلامية كـ"قطب الدين الرازي وأثير الدين وفضل حق" وغيرهم، فماذا يقال عنهم؟ قلتُ: هذا الأمر مشابه بالقول: ½أنبت الربيعُ البقلَ¼ إذا صدر من المؤمن أو الكافر وقد قرأتَ الفرق بينهما في علم البلاغة بالتفصيل، والعاقل تكفيه الإشارة.
(ملحق بالصفحة السابقة:٩) وهذا الفن أيضاً لسنا نخوض في إبطاله إذ لا يتعلق به غرض ومن ظن أن المناظرة في إبطال هذا من الدين فقد جنى على الدين، وضعف أمره، فإن هذه الأمور تقوم عليها براهين هندسية حسابية، لا يبقى معها ريبة، فمن يطلع عليها ويتحقق أدلتها حتى يخبر بسببها عن وقت الكسوفين وقدرهما ومدة بقائهما إلى الانجلاء، إذا قيل له: إن هذا على خلاف الشرع لم يسترب فيه، وإنما يستريب في الشرع، وضرر الشرع ممن ينصره لا بطريقه أكثر من ضرره ممن يطعن فيه بطريقه، وهو كما قيل: عدو عاقل خير من صديق جاهل. (سيأتي بقيته في صحيفة:١١٣) |