عنوان الكتاب: هداية الحكمة

متقدّمة علی الهيولی[1]، هذا خلف، فإذن وجود کل منهما عن سبب منفصل[2]، وليست الهيولی[3] غنية عن الصورة مِن کلّ الْوجوه، لما بيّنّا؛ أنها لا تقوم[4] بالفعل بدون الصورة[5]، وليست الصورة أيضا غنية عن الهيولى مِن كل الوجوه؛ لما بيّنّا؛ أنها لا توجد بدون الشکل المفتقر إلی الهيولی، فالهيولی تفتقر إلی الصّورة في بقائها، والصورة مفتقرة إلی الهيولی في تشکُّلها.


 



[1] قوله: [متقدمة علی الهيولی] بالذات، والهيولی متقدمة علی الشكل بالذات أو معه بحكم المقدمة الثانية، فكانت الصورة متقدمة علی الشكل بالذات؛ لأن المتقدم علی المتقدم علی الشيء والمتقدم علی ما مع الشيء متقدم عليه، هذا خلف بحكم المقدمة الأولى، وأنت تعلم أن الحكم بأن المتقدم علی ما مع الشيء متقدم علی ذلك الشيء لا تظهر صحته في التقدم والمعية الذاتيين، وقد يقال الهيولی متقدمة علی الشكل قطعاً بناء علی أنّ لحوق الشكل أنما هو بمشاركة الهيولی وحينئذ لا يحتاج إلی المقدمة الممنوعة. (الميبذي)

[2] قوله: [سبب منفصل] في "عين القضاة": ½أي: مفارق عن الأجسام ولَوَاحِقها, وهو العقل العاشر كما هو المشهور عند الفلاسفة¼. واعلم أنه عند الفلاسفة العقل الفعّال المدبِّر للعالم السفلي بواسطة الكواكب وتغيّر مواضعها, فهو عندهم مُبدِع ما تحت فلك القمر, وهذا باطل محض, وإنما مبدع العالم وكل جزء منه هو الله وحده لا شريك له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله وتعالى الله سبحانه عمّا يُشرِكون. (العلميّة)

[3] قوله: [وليست الهيولی] لما كان فيما سبق من كلامه مظنة أن يقال فيستغني كل واحدة منهما عن الأخرى فلا تتركب منهما ماهية حقيقية فدفعها بقوله: ½وليست الهيولی...إلخ¼. (عين القضاة)

[4] قوله: [لا تقوم] إما بضم القاف من الثلاثي بمعنى الحصول أو بالفتح وحذفت التاء الأولى من التفعل بمعنى التحصل, والمراد أن الهيولى وإن لم تفتقر إلى الصورة في الإيجاد ولكنها مفتقرة إليها في الوجود والبقاءِ فلا يصحّ الاستثناء من جميع الوجوه. (عين القضاة)

[5] قوله: [بدون الصورة] أي: بدون ماهيتها التي تستحفظ المادّة بتوارد أفرادها (أي: الصورة) عليها (أي: على المادة) ولو زال صورة عنها ولم تقترن صورة أخرى بها عدمت المادةُ فتلك الصور المتواردة عليها كالدعائم تزال واحدة منها عن السقف وتقام مقامها دعامة أخرى فيكون السقف باقيا على حاله بتعاقب تلك الدعائم. (الميبذي)




إنتقل إلى

عدد الصفحات

118