فهو عَدَم الحرکة[1] عمّا مِن شأنه أنْ يتحرّك، وکل جسم[2] متحرك فله مُحرِّك[3] غير الجسميّة، إذ لو تحرّك الجسم[4] بما هو جسم لکان کل جسم متحرّکاً، والتالي کاذب، فالمقدم مثله. ثم الحرکة[5].
[1] قوله: [وأمّا السكون فهو عدم الحركة] استدلّ على أن التقابل بين الحركة والسكون تقابلَ العدم والملكة؛ بأنه لا شبهة في تقابلهما ولا تضايف وهو ظاهر؛ لظهور أن تصور كل منهما غير معلّق بتصور الآخر, ولا تقابل التناقض؛ لظهور خلوّ لبعض الأشياء عنهما كـالإله تعالى مثلاً ولا تضادّ؛ لأن الحركة كمال أوّل لما هو بالقوة من جهة ما هو بالقوة, فلو كان السكون ضداً لها كان وجودياً, فيكون كمالاً ثانياً لما هو بالقوّة, أو كمال أوّل لما هو بالفعل, والأوّل يوجب أن يتقدم السكون حركة حتى يكون السكون كمالاً ثانياً وهو ليس كذلك, والثاني أن يتأخر عن السكون كمال حتى يكون أوّلاً بالنسبة إليه وهو أيضاً ليس بواجب, لا يقال يجوز أن يكون ضدّا ولم يعتبر شيء من الأوّلية والثانوية؛ لأنّه حينئذ لا يكون بينهما تقابل بالذات. (نظام الدين)
[2] قوله: [وكل جسم] إنما أضاف الشارح لفظ الجسم لئلا يتوجه أن الدليل غير منطبق على المدَّعى؛ إذ المتحرك المأخوذ في المدعى يعم الجسم وغيره والدليل وهو قوله: ½إذ لو تحرك الجسم بما جسم آه¼ مختص بالأجسام وحينئذ لا يحتاج إلى الجواب بأن المراد من المتحرك هو المتحرك بالحركة الذاتية ويدّعى أنّ تلك الحركة منحصرة في الجسم. (عين القضاة)
[3] قوله: [فله مُحرِّك] المراد منه العلة التامّة أو الجزء الأخير منها؛ إذ الدليل لا يدلّ على بطلان كون الجسميّة علة ناقصة لحركة الأجسام لجواز كونها علة قابلة لها, أو علة فاعلة مشروطة بوجود قوّة مخصوصة أو زوال حالة مانعة ولا بدّ لنفي ذلك من دليل. (عين القضاة)
[4] قوله: [لو تحرك الجسم] هذا البيان تامّ بعد تسليم أنّ الجسمية علة تامة أو مستلزمة للحركة كما يثبت عدم محركية الجسمية كذلك يثبت عدم محركية القوى أيضاً وهو خلاف مقصودهم فإنهم يجعلون القوى في الأجسام مبادي حركاتها بأنه لو كانت القوى محركة وعلة تامة أو مستلزمة للحركة لكانت الأجسام كلّها متحركة على الدوام ما دامت القوى ثابتة لها والتالي باطل فالمقدم مثله, وبالجملة هذا البيان سخيف جدير بأن لا يصغى إليه كما لا يخفى على من له أدنى دراية. (عين القضاة)
[5] قوله: [ثم الحركة...إلخ] هذا تقسيم أول للحركة باعتبار مقولة هي واقعة فيها. (سعادت)