فلمّا علمَتْ هذه القاعدة النفيسة يجب أجراؤها هنا أيضًا بأنْ يستخرج[1] مِن الحوض أو البئر ماءً قدر ما صبّ ذلك الصبي فيه أو أكثر فيُعطى له[2]، هذا الإعطاء جائز يقينًا.
بأنّ لو كان فيه ملك الصبي لقد عاد إليه بخلاف النزح أو السكب على الأرض ففيه إضاعة مال الصبي ما لا يجوز، فالآن قد وصل إلى ذلك
[1] وهو حاشية المؤلّف: إنْ قلت: الشخص الذي يأخذ مِن الماء المباح يمتلكه، فهذا الماء الذي أخذ مِن البئر أو الحوض المباح ثم أعطاه الصبيَّ لقد كان يمتلكه، ولا يجتمع مِلكان في شيءٍ واحدٍ، فهذ الماء لم يكن ملكًا للصبيِّ، ثم كيف صار خروج ملك الصبي محتمّلًا باستخراجه؟
أقول: فلمّا كان ملك الصبي فيه مخلوطًا فهو ليس الآن ماء مباحًا بل محظور، آخذ الماء لا يمتلكه؛ لأنّ ما أُخذ منه يحتمل أنْ يكون هو مملوكًا للصبي أم مِن جزئه الأوّل المباح فلا يملك آخذه، وإن كان الثاني فبها، والملك لا يثبت بالاحتمال والشكّ، ولهذا ظلّ ذلك الاحتمال قائمًا بأنّ هذا الماء مملوك للصبي. ((انتهى منه غُفر له)).
[2] وهو حاشية المؤلّف: أقول: بل لو أخذ الصبي نفسه الماء منه بالقدر الذي أوقع فيه أو أكثر فينبغي أنْ يرفع الحظر عندئذٍ أيضًا؛ وذلك لأنّ الماء ولو كان غير ممنوع للصبي -كما سبق في التنبيه الخامس- وما يأخذ هو مرّة ثانية ليمتلكه يقينًا، ولكن هذا غير مانع لذلك الاحتمال بأنّ في هذه المرّة أخذ الماء نفسه الذي صبّه سابقًا؟ وهذا الاحتمال يكفي لرفع المنع. ((والله تعالى أعلم. انتهى منه غُفر له)).