وكان يُرَى في القَرنِ الأوَّلِ سحرًا، وبعد الفجر الطُّرقات مملُوءةً مِن النَّاسِ يمشُونَ في السُّرُجِ، ويزدحمُون بها إلى الجامعِ كأيَّامِ العيدِ حتَّى انْدَرس ذلك.
فقيل: أولُ بدعةٍ حدثَتْ في الإسلامِ: تركُ الْبكُورِ إلى الجامع، وكيفَ لا يستحي المسلمون مِن اليهودِ والنَّصارَى، وهم يبكرون إلى البِيَع والكنائسِ يومَ السَّبتِ والأحَدِ؟!، وطلَّابُ الدُّنيا كيف يبكرون إلى رُحابِ الأسواق للبيعِ والشِّراءِ والرِّبحِ، فلِمَ لا يُسابقُهم طُلَّابُ الآخرةِ[1].
(الجامع: هو مسجد يُصَلِّي فيه المسلمون ويُطلق بصفةٍ خاصَّةٍ على المسجد الذي تُصلّى فيه الجمعة).
عن سيّدنا عبد الله بن عبّاسٍ رضي الله تعالى عنهما، أنّ النبيَّ ﷺ قال: «الْجُمُعَةُ حَجُّ الْفُقَرَاءِ»، وفي روايةٍ: «حَجُّ الْمَسَاكِيْن»[2].
[1] "إحياء علوم الدين"، كتاب أسرار الصلاة ومهماتها، بيان آداب الجمعة على ترتيب العادة، ١/٢٤٦.
[2] "مسند الشهاب" للقضاعي، الباب الأول، ١/٨١، (٧٨-٧٩)، و"جمع الجوامع" للسيوطي، قسم الأقول، حرف الجيم، ٤/١٨٤، (١١١٠٨-١١١٠٩)، وقال الإمام العجلوني رحمه الله تعالى: رواه القضاعي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ورفعه، وفي لفظٍ له: الفقراء بدل المساكين، وفي سنده مقاتل ضعيف. ["كشف الخفا"، حرف الجيم، ١/٢٩٨].