ومنها: الاحتراس، وهو أن يؤتى في كلام يوهم خلافَ المقصود بِما يدفعه نحو:
فَسَقَى دِيَارَكَ غَيْرَ مُفْسِدِهَا |
| صَوْبُ الرَبِيْعِ وَدِيْمَةٌ تَهْمِيْ |
ومنها: التكميل، وهو أن يؤتى بفَضلة تزيد المعنى حُسناً، نحو: ﴿ وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ﴾ [الإنسان : ٨]، أي: مع حبّه، وذلك أبلغ في الكرَم.
مجرى المثل لعدم توقّف المراد حينئذ على ما قبله ومنها: الاحتراس من حرس الشيء حفظه وهو أن يؤتى في كلام يوهم خلافَ المقصود بما أي: قول يدفعه أي: يدفع ذلك الإيهام نحو: فَسَقَى دِيَارَكَ غَيْرَ مُفْسِدِهَا حال مقدّم من فاعل ½سَقَى¼ وهو صَوْبُ الرَبِيْعِ أي: نزول المطر، ووقوعه في الربيع وَدِيْمَةٌ بكسر الدال، المطر المسترسل، وأقلّه ما بلغ ثلث النهار والليل، وأكثره ما بلغ أسبوعاً تَهْمِيْ أي: تسيل من ½همي الماء¼ إذا سأل، فلمّا كان المطر قد يؤدّي بدوامه إلى خراب الديار وفسادها أمكن أن يقع في الوهم، أنّ ذلك دعاء على فساد الديار، فأتى بقوله: ½غير مفسدها¼ دفعاً لذلك التوهّم ومنها: التكميل، وهو أن يؤتى في كلام لا يوهم خلاف المقصود بفضلة أي: ما ليس بجملة مستقلاًّ ولا ركن كلام كالمفعول، أو المجرور، أو نحو ذلك تزيد المعنى التامّ بدونها حسناً في الغرض المسوق له الكلام نحو: ﴿ وَيُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ﴾ أي: مع حبّه واشتهائه الناشي عن الحاجة إليه وذلك أبلغ في الكرم والتنـزه عن البخل المذموم من مجرّد إطعام الطعام، ولو كان كرماً أيضاً، فزيادة الفضلة هاهنا، وهو قوله تعالى: ½على حبّه¼ تزيد في مدح الأبرار بالكرم الذي هو الغرض المسوق له الكلام حسناً ومبالغة وإن كان أصل المدح يتمّ بدونها، وبعضهم سمّى هذا القسم بـ½التتميم¼، وجعل التكميل نفس الاحتراس المذكور قبله لتكميله المعنى بدفع خلاف المقصود عنه، والأمر سهل; إذ التكميل والتتميم شيء واحد لغة.