فليس الغرض من هذا البيت الإخبار بل إظهار التحزّن والتحسّر، وإن كانت علاقته المشابهةَ سُمّي ½استعارة تمثيليّة¼، كما يقال للمتردّد في أمر: ½أراك تُقدِّم رِجلاً وتُؤخِّر أخرى¼.
قد مرّ شرح هذا الشعر في بحث المضاف إلى المعرفة فليس الغرض من هذا البيت الإخبار بل إنشاء التأسّف وإظهار التحزّن والتحسّر على مفارقة المحبوب، اللازم للإخبار بها، فوقع استعمال هذا الإخبار في غير الموضوع له; لعلاقة اللزوم لا لعلاقة المشابهة، فصار مجازاً مركباً مرسلاً وإن كانت علاقته المشابهةَ سُمّي ½استعارة تمثيليّة¼ أمّا التسمية بـ½الاستعارة¼ فظاهرة، وأمّا النسبة التمثيل; فلأنّ التشبيه الذي يبتني عليه هذا القسم من المجاز المركب لا يكون إلاّ تمثيلاً، وهو ما يكون وجهه منتزعاً من متعدّد كما مرّ في بحث التشبيه كما يقال للمتردّد في أمر: ½أراك تُقدِّم رِجلاً وتُؤخِّر أخرى¼ فشبّه الصورة العقلية الحاصلة من تردّده في هذا الأمر بالصورة الحسّية الحاصلة من تردّد من قام ليذهب فيقدّم رِجلاً تارة لإرادة الذَهاب، ويؤخّر أخرى لعدم إرادته، ووجه الشبه بين الصورة المشبّه والصورة المشبّه بها ما يعقل من الهيئة التي هي كون كلّ واحد منهما متّصفاً بمطلق الإقدام على أمر مرّة، والكفّ عنه أخرى، ثُمّ لما اعتبر التشبيه بين الصورتين في هذا الوجه استعير الكلام الموضوع للصورة الثانية المشبّه بها للصورة الأولى المشبّهة مبالغة في التشبيه وادّعاء; لدخول الصورة العقلية في جنس الصورة الحسّية، ومثل هذا الكلام في كونه استعارة تمثيليّة سائر الأمثال السائرة؛ لأنّها ليست إلاّ المجازات المركبة الفاشية الاستعمال التي تستعمل على حسب الاستعارة التمثيليّة، وهذا تفصيل لِمَا وقع في الحاشية حيث قال: ½ويقال في إجراء الاستعارة شبهنا... إلخ¼.