دلّ الحديث على أن النية معيار لتصحيح الأعمال، فحيث صلحت النية صلح العمل، وحيث فسدت فسد العمل، وإذا وجد العمل وقارنته النية فله ثلاثة أحوال:
الأول: أن يفعل ذلك خوفاً من الله تعالى وهذه عبادة العبيد.
الثاني: أن يفعل ذلك لطلب الجنة والثواب وهذه عبادة التجار.
الثالث: أن يفعل ذلك حياء من الله تعالى وتأدية لحق العبودية وتأدية للشكر، ويرى نفسه مع ذلك مقصراً، ويكون مع ذلك قلبه خائفاً لأنه لا يدري هل قبل عمله مع ذلك أم لا، وهذه عبادة الأحرار، وإليها أشار رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لَمَّا قالت له عائشة رضي الله عنها حين قام من الليل حتى تورّمت قدماه: يا رسول الله! أتتكلّف هذا وقد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟ قال: ((أفلا أكون عبداً شكوراً؟))[1]. إن قيل: هل الأفضل العبادة مع الخوف أو مع الرجاء؟ قيل: قال الغزالي رحمه الله تعالى: العبادة مع الرجاء أفضل، لأن الرجاء يورث المحبة، والخوف يورث القنوط.
وهذه الأقسام الثلاثة في حق المخلصين، واعلم أنَّ الإخلاص قد يعرض له آفة العجب، فمن أعجب بعمله حبط عمله، وكذلك من استكبر حبط عمله.
[1] "صحيح مسلم"، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، باب إكثار الأعمال والاجتهاد في العبادة، ر:٢٨١٩، صـ١٥١٤.