الحال الثاني: أن يفعل ذلك لطلب الدنيا والآخرة جميعهما، فذهب بعض أهل العلم إلى أنّ عمله مردود واستدلّ بقوله صلى الله عليه وسلم في الخبر الربّانيّ: يقول الله تعالى: ((أنا أغنى الشركاء فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري فأنا بريء منه))[1].
وإلى هذا ذهب الحارث المحاسبي في كتاب "الرعاية" فقال: الإخلاص أن تريده بطاعته ولا تريد سواه. والرياء نوعان: أحدهما: لا يريد بطاعته إلاّ الناس والثاني: أن يريد الناس وربّ الناس، وكلاهما محبط للعمل، ونقل هذا القول الحافظ أبو نُعيم في "الحلية" عن بعض السلف، واستدلّ بعضهم على ذلك أيضاً بقوله تعالى: ﴿ ٱلۡجَبَّارُ ٱلۡمُتَكَبِّرُۚ سُبۡحَٰنَ ٱللَّهِ عَمَّا يُشۡرِكُونَ ﴾ [الحشر: ٢٣]، فكما أنّه تكبّر عن الزوجة والولد والشريك، تكبّر أن يقبل عملاً أشرك فيه غيره، فهو تعالى أكبر، وكبير، ومتكبّر.
وقال السمرقنديّ رحمه الله تعالى: ما فعله لله تعالى قُِبلَ وما فعله من أجل الناس رُدَّ. ومثال ذلك من صلَّى الظهر مثلاً وقصد أداء ما فرض الله تعالى عليه ولكنَّه طوّل أركانها وقراءتها وحسَّن هيئتها من أجل الناس، فأصل الصلاة مقبول، وأمّا طوله وحسنه من أجل الناس فغير مقبول لأنه قصد به الناس.