عنوان الكتاب: شرح الأربعين النووية

مصلٍ ساهٍ، ومن صلَّى بلا خضوع الأركان فهو مصلٍ جاف، ومن صلَّى بلا خشوع الجوارح فهو مصلٍ خاطئ، ومن صلَّى بهذه الأركان فهو مصلٍ وافٍ.

قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) أراد بها أعمال الطاعات دون أعمال المباحات، قال الحارث المحاسبي: الإخلاص لا يدخل في مباح، لأنَّه لا يشتمل على قربة ولا يؤدّي إلى قربة، كرفع البنيان لا لغرض بل لغرض الرعونة، أمَّا إذا كان لغرض كالمساجد والقناطر والأربطة فيكون مستحباً. قال: ولا إخلاص في محرم ولا مكروه، كمن ينظر إلى ما لا يحلّ له النظر إليه، ويزعم أنَّه ينظر إليه ليتفكّر في صنع الله تعالى، كالنظر إلى الأمرد، وهذا لا إخلاص فيه بل لا قربة البتة، قال: فالصدق في وصف العبد في استواء السر والعلانية والظاهر والباطن، والصدق يتحقّق بتحقّق جميع المقامات والأحوال حتى إنّ الإخلاص يفتقر إلى الصدق، والصدق لا يفتقر إلى شيء. لأنّ حقيقة الإخلاص هو إرادة الله تعالى بالطاعة، فقد يريد الله بالصلاة ولكنّه غافل عن حضور القلب فيها، والصدق هو إرادة الله تعالى بالعبادة مع حضور القلب إليه، فكلّ صادق مخلص، وليس كلّ مخلص صادقاً، وهو معنى الاتصال والانفصال، لأنّه انفصل عن غير الله واتصل بالحضور بالله، وهو معنى التخلي عما سوى الله والتحلي بالحضور بين يدي الله سبحانه وتعالى.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

151