عنوان الكتاب: شرح الأربعين النووية

قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: (إِنَّمَا الأَعْمَالُ) يحتمل: إنّما صحة الأعمال أو تصحيح الأعمال، أو قبول الأعمال، أو كمال الأعمال، وبهذا أخذ الإمام أبو حنيفة رحمه الله تعالى، ويستثنى من الأعمال ما كان قبيل التروك كإزالة النجاسة، وردّ الغصوب والعواري، وإيصال الهدية وغير ذلك، فلا تتوقّف صحّتها على النيّة المصحّحة، ولكن يتوقف الثواب فيها على نية التقرب، ومن ذلك ما إذا أطعم دابته، إن قصد بإطعامها امتثال أمر الله تعالى فإنّه يثاب، وإن قصد بإطعامها حفظ المالية فلا ثواب، ذكره القرافي، ويستثنى من ذلك فرس المجاهد، إذا ربطها في سبيل الله فإنّها إذا شربت وهو لا يريد سقيها أثيب على ذلك كما في "صحيح البخاري"، وكذلك الزوجة وكذلك إغلاق الباب وإطفاء المصباح عند النوم إذا قصد به امتثال أمر الله أثيب وإن قصد أمراً آخر فلا.

واعلم أنّ النيّة لغة: القصد، يقال نواك الله بخير: أي قصدك به. والنيّة شرعاً: قصد الشيء مقترناً بفعله، فإن قصد وتراخى عنه فهو عزم، وشرعت النيّة لتمييز العادة من العبادة أو لتمييز رتب العبادة بعضها عن بعض، مثال الأول: الجلوس في المسجد قد يقصد للاستراحة في العادة، وقد يقصد للعبادة بنيّة الاعتكاف، فالمميّز بين العبادة والعادة هو النيّة، وكذلك الغسل: قد يقصد به تنظيف البدن في العادة، وقد يقصد به العبادة فالمميّز هو النيّة، وإلى هذا المعنى أشار النبي صلَّى الله عليه وسلَّم حين سئل عن الرجل يقاتل رياء ويقاتل حميّة


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

151