ولَمَّا كان الإيمان شرطاً في صحة الإسلام استثنى الله تعالى من المؤمنين المسلمين قال الله تعالى: ﴿فَأَخۡرَجۡنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فَمَا وَجَدۡنَا فِيهَا غَيۡرَ بَيۡتٖ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ﴾ [الذاريات: ٣٥-٣٦] فهذا استثناء متصل لما بين الشرط والمشروط من الاتصال ولهذا سَمَّى الله تعالى الصلاة إيماناً. قال الله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَٰنَكُمۡۚ﴾ [البقرة: ١٤٣]. وقال تعالى: ﴿مَا كُنتَ تَدۡرِي مَا ٱلۡكِتَٰبُ وَلَا ٱلۡإِيمَٰنُ ﴾ [الشورى: ٥٢] أي الصلاة.
قوله صلى الله عليه وسلم: (وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ) بفتح الدال وسكونها لغتان، ومذهب أهل الحق: إثبات القدر، ومعناه أنَّ الله سبحانه وتعالى قدّر الأشياء في القدم، وعلم سبحانه وتعالى أنَّها ستقع في أوقات معلومة عنده سبحانه وتعالى، وفي أمكنة معلومة وهي تقع على حسب ما قدّره الله سبحانه وتعالى. واعلم أنَّ التقادير أربعة:
الأول: التقدير في العلم، ولهذا قيل: العناية قبل الولاية، والسعادة قبل الولادة، واللواحق مبنيّة على السوابق، قال الله تعالى: ﴿ يُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ ﴾ [الذاريات: ٩] أي: يصرف عن سماع القرآن وعن الإيمان به في الدنيا من صرف عنه في القدم، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يهلك على الله إلا هالكاً))[1] أي من كتب في علم الله تعالى أنّه هالك.