لزمانه، مقبلاً على شأنه. حافظاً للسانه، ومَن حسب الكلام من عمله يوشك أن يقلّ الكلام إلاّ فيما يعنيه. قلت: بأبي وأمّي فما كان في صحف موسى؟ قال: ((كانت عبراً كلّها، كان فيها: عجباً لمن أيقن بالنار كيف يضحك، وعجباً لمن أيقن بالموت كيف يفرح، وعجباً لمن رأى الدنيا وتقلّبها بأهلها وهو يطمئنّ إليها، وعجباً لمن أيقن بالقدر ثم هو يغضب، وعجباً لمن أيقن بالحساب غداً وهو لا يعمل))، قلت: بأبي وأمّي هل بقي مما كان في صحفهما شيء؟ قال: ((نعم، يا أبا ذر﴿ قَدۡ أَفۡلَحَ مَن تَزَكَّىٰ﴾ إلى آخر السورة [الأعلى:١٤-١٩]))، قلت: بأبي وأمّي أوصني، قال: ((أوصيك بتقوى الله فإنَّها رأس أمرك كلّه))، قال: قلت زدني، قال: ((عليك بتلاوة القرآن واذكر الله كثيراً فإنَّه يذكرك في السماء))، قلت زدني، قال: ((عليك بالجهاد فإنَّه رهبانية المؤمنين))، قلت زدني، قال: ((عليك بالصمت فإنَّه مطردة للشياطين عنك، وعون لك على أمر دينك))، قلت زدني، قال: ((قل الحقّ ولو كان مُرّاً))، قلت زدني، قال: ((لا تأخذك في الله لومة لائم))، قلت زدني، قال ((صل رحمك وإن قطعوك ))، قلت زدني، قال: ((بحسب امرئ من الشرّ ما يجهل من نفسه، ويتكلف ما لا يعنيه. يا أبا ذرّ: لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسن كحسن الخلق))[1].