عنوان الكتاب: النور والنورق لأسفار الماء المطلق ومعها عطاء النبي لإفاضة أحكام ماء الصبي

وأمّا عدم جواز التوضّؤ به، فلأنّه لما غلب عليه لون الأوراق صار مقيّدًا كماء الباقِلاء وغيره. لكن نصّ في "تحفة الفقهاء" على أنّه عند الضرورة يجوز التوضّؤ بماءٍ تغيّر بامْتزاج غيره مِن حيث اللون والطعم، بأنْ وقع الأوراق والثمار في الحياض حتى تغيّر؛ لأنّه تتعذّر صيانة الحياض عنها[1].

((أقول: فإذن يكون هذا قولًا ثالثًا أنّه إنّما يجوز الوضوء به عند الضرورة وإلّا لا، وتبعه في "مجمع الأنهر" وليس هكذا.

وإنّما نصّ "البدائع شرح التحفة" وهو عيّن نصّها: ولو تغيّر الماء المطلق بالطين أو بالتراب أو بالجص أو بالنورة أو بوقوع الأوراق أو الثمار فيه أو بطول المكث يجوز التوضّؤ به؛ لأنّه لم يزل عنه اسم الماء، وبقي معناه أيضًا مع ما فيه مِن الضرورة الظاهرة لتعذر صون الماء عن ذلك[2] انتهى. فلم يقيّده بالضرورة ولم يقصر وجهه عليها بل علّله بأنّه ماء مطلق باق على إطلاقه، وأيّده بأنّه ساقط الحكم للضرورة، وفرق بيّن بين بناء الحكم على الضرورة بحيث يتقيّد بها وبين إسقاط حكم رأسًا لضرورةٍ لازمةٍ، وهذا مِن ذاك ألَا ترى أنّه نظمه مع المخلوط بالتراب ونحوه في سلكٍ واحدٍ. وهل يسوغ لأحدٍ أنْ يقول: إنّما يجوز الوضوء بماءٍ كدرٍ إذا لم يجد غيره وإلّا لم يصح؟! ثم لا نظير لهذا في المذهب أنْ يجوز الوضوء بماءٍ عند الضرورة لا في السعة.

أمّا نبيذ التمر فإنّما الحكم فيه على خلاف المعتمد المفتى به لأجل


 

 



[1] " الحلية".

[2] "البدائع الصنائع"، فصل في الماء المقيد، ١ / ١٥، كراتشي باكستان.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

253