عنوان الكتاب: النور والنورق لأسفار الماء المطلق ومعها عطاء النبي لإفاضة أحكام ماء الصبي

أقول: الملح على عدّة أقسام:

الأوّل: هو الرطوبة التي تخرج عن الجبل أو الغار بالفوران ثم تجمد كملح اللَّاهُوري والأندراني وملح البحيرة، وهذا ابتداء كالماء يقينًا ما لم ينجمد، فلمّا ذاب بعد الانعقاد لخرج عن المائيّة تمامًا.

الثاني: الجزء المنجمد من الملح البحري، هذا ماء العيون الحادّة وشديد الحارّة، فلمّا تعمل فيه حرارة الشمس يجمد من أطرافه ويظلّ الوسط جاريًا، كل شيء وقع فيه يتحوّل إلى ملح بعد فترة من الزمن، هذا هو الماء الذي اختلف فيه. ((والذي يظهر لي أنّه إنْ كان ماء حقيقة كما هو الظاهر فلا ينبغي الريب في جواز الوضوء به؛ لأنّ الماء ماء سواء كان عذبًا فُراتًا أو ملحًا أُجاجً، وقد قال في "الخانية": لو توضّأ بماء السيل يجوز وإنْ خالطه التراب إذا كان الماء غالبًا رقيقًا فُراتًا كان أو أُجاجًا[1] انتهى.

وكونه يجمد صيفًا ويذوب شتاء لا يجعله نوعًا أخر غير الماء، فليس من أركان ماهية الماء ولا مِن شرائطها الجمود شتاء والذوبان صيفًا، وإنّما هذه أوصاف تختلف باختلاف الأصناف، هذا عذبٌ فُراتٌ وهذا ملحٌ أُجاجٌ، هذا ينبت ويروي وهذا لا يفعل شيئًا منه، وقد يمكن عقد الملح بماء البحر بالطبخ ولا يخرجه هذا عن المائية، فكذا لو اجتزأ بعض المياه لشدّة حدته عن الطبخ بحرارة الشمس لم يكن فيه اختلاف الماهية.


 

 



[1] "الفتاوى الخانية المعروف بفتاوى قاضيخان"، فصل فيما لا يجوز به التوضوء، ١ / ٩، لكنؤ الهند.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

253