فيا سبحان الله! إنْ كان هذا معنى الآية فلم لم يجز الوضوء به مع وجود ماء آخر، ومن أوجب الترتيب بين المائين بتقديم اللغوي على الشرعي، أمّا احتجاجه[1] بقوله ﷺ: «مَاءٌ طَهُورٌ».
فأقول: الحديث من أوّله: «تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ». فإنّما هو لبيان أجزائه التي تركب منها لا الأخبار عنه بأنّه ماء، وإلّا لكان أخبار أيضًا بأنّها تمرة وهو باطل لغة وعرفًا وشرعًا.
وفي صدر الحديث قوله ﷺ لعبد الله رضي الله تعالى عنه: «هَلْ مَعَكَ مَاءٌ أَتَوَضَّأُ بِهِ؟». قال: لا إلَّا نبيذُ تمرٍ. لا يقال: إنّه رضي الله تعالى عنه إنّما نفى الماء اللغوي؛ لأنّ السؤال كان عن الماء الشرعي لقوله ﷺ: «أَتَوَضَّأُ بِهِ». إلّا أن يقال: لم يكن عبد الله إذ ذاك يعلم أنّه ماء شرعًا وقد اعترف الإمام الزيلعي نفسه أنّه نفى عنه ابن مسعود اسم الماء[2] انتهى. إذا ثبت هذا علم أنّ قصر الحكم في الجامد على زوال الرقّة غير صحيح. وقد تنبّه لهذا "البحر" في "البحر" فقال بعد إيراد الضابطة: وههنا تنبيهات مهمّة.
[1] وهو حاشية المؤلّف نفسه نقلتها دون أيّ تصرّف: ((تبعه فيه المولى "بحر العلوم" في الأركان الأربعة فقال: قوله ﷺ: «تَمْرَةٌ طَيِّبَةٌ، وَمَاءٌ طَهُورٌ» يفيدان النبيذ لم يخرج عن كونه ماء بوقوع التمر، فواجد النبيذ لا يصدق عليه أنّه لم يجد ماء، فلا تعارضه آية التيمّم حتّى يكون ناسخًا، هذا ما عندي، انتهى. وكأنّه لم يطلع على كلام الإمام الزيلعي رحمهما الله تعالى قدّس سرّه)).