الأوّل: مقتضى ما قالوه هنا جواز التوضّؤ بنبيذ التمر والزبيب ولو غيّر الأوصاف الثلاثة، وقد صرّحوا قبيل باب التيمّم بأنّ الصحيح خلافه، وأنّ تلك رواية مرجوع عنها وقد يقال: إنّ ذلك مشروط بما إذا لم يزل عنه اسم الماء، وفي مسألة نبيذ التمر زال عنه اسم الماء، فلا مخالفة كما لا يخفى.
الثاني: أنّه يقتضي أنّ الزعفران إذا اختلط بالماء يجوز الوضوء به ما دام رقيقًا سيالًا ولو غيّر الأوصاف كلّها؛ لأنّه من الجامدات، والمصرح به في "معراج الدراية" معزيًّا إلى "القنية": أنّ الزعفران إذا وقع في الماء إنْ أمكن الصبغ فيه، فليس بماء مطلق من غير نظر إلى الثخونة، ويجاب عنه بما تقدّم من أنّه زال عنه اسم الماء[1] انتهى. ورده أخوه وتلميذه المحقّق في "النهر" كما في الطحطاوي بأنّ الزيلعي لم يذكر ذلك، وأنّ هذا التقييد لا يجدي نفعًا[2] انتهى. وأجاب عنه السيّد العلّامة أبو السعود الأزهري في "فتح الله المعين" وتبعه الطحطاوي بأنّ الكلام فيما إذا لم يزل عنه اسم الماء كما ذكره الزيلعي فتنظير "النهر" ساقط، وما ذكر في "البحر" من الجواب مأخوذٌ من صريح كلام الزيلعي[3].
فهؤلاء ثلاثة أجلّاء اختلف أنظارهم في كلام الإمام الزيلعي، أمّا الأخوان العلامتان فاتّفقا على أنّ الزيلعي لم يذكر في "الجامد" قيد بقاء