والقصير أو الحسين والدميم وأمثال ذلك مِن العوارض.
ولا يلزم منه خروج هؤلاء عن الإنسان المطلق، فإنّ ذاتهم ليست إلّا فهمٌ مِن لفظ الإنسان، ولم يعرضهم ما يقعدهم عن الدخول فيما تتسارع إليه الأفهام بسماع لفظ الإنسان، ولو أنّ العوارض مطلقًا تمنع الدخول لعدم انفهامها مِن المطلق لما دخل تحته شيء مِن أفراده؛ لأنّ لكلّ فرد تشخّصًا لا يسبق إليه الذهن عند ذكر اسم المطلق، فكان هذا يقتضي التسوية بين مطلق الماء والماء المطلق، لكن ثمّه عوارض تمنع ذويها عن الدخول تحت الشيء المطلق، ويُقال فيها: إنّ اسم المطلق لم يتناولها لكونها ممّا لا تتسارع إليه الأفهام كمقطوع اليدين والرِّجلين في الرقبة، فإنّ المفهوم الذات الكاملة.
ونبيذ التمر وماء العصفر الصالح الصبغ فإنّ اسم الماء المطلق لا يطلق عليهما ولا يسبق الأفهام عند إطلاقه إليهما مع أنّ أصحاب تلك العوارض أيضًا ليست ذاتها إلّا ما فهم مِن الإطلاق، وعدم انفهام العوارض مشترك في كلّ عارض فلا بدّ مِن الفرق، ولم أر مِن حام حول هذا.
فأقول: على ما بي مِن قلّة البضاعة وقصور الصناعة، مُستعينًا بربّي ثمّ بصاحب الشفاعة صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم، توضع الأسماء بإزاء الحقائق وتمايز الحقائق بتفاوت المقاصد، ولذا كان بعض الأوصاف تجري مجرى الأجزاء كالأطراف في الحيوان والأغصان في الأشجار؛ لأنّ بفواتها فوات منافع الذات، والشيء إذا خلا عن مقصوده بطل، فيتطرّق به التغيّر إلى الذوات المدلول عليها عرفًا بالأسماء.