الزيلعيّة وبينا في القسمَين الأوّلين ما اتّفقتَا فيه على الجواز أو المنع، وفي الثالث ما اختلفتَا فيه، وسيأتي بيان كلّ ذلك إنْ شاء الله الكريم الوهّاب.
فإنْ قلتَ: على ما قرّرت يلزم خروج الماء المتنجّس والمستعمل مِن الماء المطلق فإنّ مِن أعظم مقاصد الماء حصول التطهير به قال الله تعالى: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ لِّيُطَهِّرَكُم بِهِۦ﴾ [الأنفال: ٨/١١]. وقد سقط هذا منها فيزاد في جانب النقص على زوال السيلان والرقّة زوال صفة الطهوريّة.
أقول: الحقائق الشرعيّة للمقاصد الشرعيّة فبفواتها تفوت كالصوم والصلاة، أمّا الماء فحقيقة عينيّة والمعتبر في بقائها المقاصد العرفيّة، ألَا ترى أنّ أعظم المقصود مِن الإنسان العبادة، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقۡتُ ٱلۡجِنَّ وَٱلۡإِنسَ إِلَّا لِيَعۡبُدُونِ ٥٦﴾ [الذاريات: ٥١/٥٦]. وقد فاتت الكافر إذ ليس أهلًا لها، ومع ذلك لم يخرج مِن المتفاهم بإطلاق الإنسان، قال تعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ ٢ إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ﴾ [العصر: ١٠٣/٢ـ٣]. وقال تعالى: ﴿قُتِلَ ٱلۡإِنسَٰنُ مَآ أَكۡفَرَهُۥ ١٧﴾ [عبس: ٨٠/١٧].
بالجملة تعريف الماء المطلق عند تحقيق الفقير غُفر له[1]: هو الماء
[1] وهو حاشية المؤلّف نفسه: تقدّم تعريف المنح والسيّد في الحاشية ما كان رقمهما ١٣ و١٤ وبهذا التعريف الرضوي أصبحت خمسة عشر تعريفًا ((ثم وجدتُ عن "المجتبى" تعريفًا آخر ذكره عنه في أنجاس "البحر": أنّ الماء المقيّد ما استخرج بعلاج كماء الصابون والحرض والزعفران والأشجار والأثمار والباقِلاء، انتهى. فالمطلق خلافه.
أقول: ليس بشيء ويوافقه أوّل الأقوال الآتية في الإضافات، وسيأتي ردّه ثمه، انتهى منه غُفر له)).