عنوان الكتاب: النور والنورق لأسفار الماء المطلق ومعها عطاء النبي لإفاضة أحكام ماء الصبي

إذا أهدى الصغير شيئًا مِن المأكولات إنْ لم يكن عن نقله بالمعنى؛ لأنّ المسألة في سائر الكتب فيما وهب شيء للصغير، وقد نقل عن "الظهيرية" نفسها في "الغمز" بلفظٍ: إذا أهدى للصغير شيء كما سمعتَ، فليس مراده إلّا إهداؤه ممّا أهدى إليه، لا أنْ يبتدئ الصبي فيهدى مِن ملكه شيئًا.

والدليل عليه قوله: وشبّه ذلك بضيافة المأذون، فالمأذون لا يضيف مِن مال نفسه بل مولاه، ومولاه إنّما أذن في التجارة لكن العوائد قضَتْ أنّ أمثال الضيافات لا بدّ منها في التجارات، فكان إذنه في التجارة إذنًا فيها، كذلك الصبي لا يهدي مِن مال نفسه بل مال المُهدى، والمُهدى إنّما سُمّي الصبي لكن فشت العوائد أنّ أمثال الهدايا لا يمنع عنها أبواه، فكان إهداؤه إليه إهداء إليهما.

أقول: والوجه فيه أنّ المأكولات ممّا يتسارع إليها الفساد فيكون إذنًا مِن المهدي لهما في التناول دلالة، وذلك بأنْ يقع الملك لهما بخلاف ما يدّخر، فظهر إصابة "البحر والدر" في قولهما أفاد أنّ غير المأكول لا يباح لهما إلّا لحاجةٍ[1]، وانْدفع ما وقع للعلّامة الشامي حيث قال بعد نقل ما مرّ عنه عن "التتارخانية" عن "فتاوى سمرقند": قلت: وبه يحصل التوفيق ويظهر ذلك بالقرائن، وعليه فلا فرق بين المأكول وغيره بل غيره أظهر[2]


 

 



[1] "الدر المختار"، كتاب الهبة، ٢ / ١٦٠، دلهي الهند.

[2] "رد المحتار"، كتاب الهبة، ٤ / ٥٧٢، مطبعة مصطفى البابي الحلبي مصر.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

253