عنوان الكتاب: دروس البلاغة

وإذا حذفت أداة التشبيه ووجهه يسمّى ½تشبيهاً بليغاً¼، نحو: ﴿ وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا[النبأ: ١٠]. أي: كاللباس في الستر.

هاهنا; لإفادة التشبيه بين الولدان المخلدين والؤلؤ المنثور، ولا يذهب عليك أنّ كون الفعل المذكور منبئاً عن التشبيه غير ظاهر للقطع بأنّه لا دلالة للحسبان على التشبيه أصلاً بل الوجه فيه أنّ المفعول الثاني في باب ½حَسِبْتُ¼ يكون محمولاً بحسب المعنى على المفعول الأوّل، ومن المعلوم أنّه لا يصحّ حمل لؤلؤ منثور عليهم بدون تقدير أداة التشبيه، فعدم صحّة الحمل هاهنا ينبئ عن التشبيه كما في قولنا: ½زيد أسد¼ سواء ذكر الفعل أو لم يذكر، نعم بعد تحقّق التشبيه بسبب الحمل يفيد تعلّق الحسبان به أنّه على وجه ظنّ المخاطب وإدراكه على سبيل الرجحان، لا على وجه العلم واليقين، كما أن قولنا: ½علمتُ زيداً أسداً¼ يفيد أنّ تشبيه زيد بالأسد على وجه العلم والتيقّن، ويمكن أن يقال: إنّ المضاف في كلامه محذوف، والمعنى: أنّ الفعل ينبئ عن حال التشبيه من كونه على وجه العلم والقطع أو غيره وإذا حذفت أداة التشبيه ووجهه يسمّى ½تشبيهاً بليغاً¼ لوجود المبالغة في التشبيه حيث حمل المشبّه به على المشبّه، كأنّه هو بعينه نحو: ﴿ وَجَعَلۡنَا ٱلَّيۡلَ لِبَاسٗا ﴾، أي: كاللباس في الستر عن العيون إذا أردتم هرباً من عدوّ، أو إخفاء ما لا تحبّون الإطلاع عليه من كثير الأمور.


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239