والثالث: كناية يكون المكنيّ عنه فيها غيرَ صفة ولا نسبةٍ، كقوله:
اَلضَارِبِيْنَ بِكُلِّ أَبْيَضَ مُخْذِمٍ |
| وَالطَاعِنِيْنَ مَجَامِعَ الأَضْغَانِ |
فإنّه كنَى بمجامع الأضغان عن القلوب.
والكناية إن كثرت فيها الوسائط، سُمّيت ½تلويحاً¼، نحو: ½هو كثير الرماد¼، أي: كريم؛ فإنّ كثرة الرماد تستلزم كثرة الإحراق، وكثرة الإحراق تسلتزم كثرة الطبخ والخبز، وكثرتهما تستلزم كثرة الآكلين
والثالث كناية يكون المكنى عنه فيها غير صفة ولا نسبة بل نفس الموصوف كقوله الضاربين أي أمدح الضاربين بكل أبيض أي بكل سيف أبيض مخذم بضم الميم وسكون الخاء وكسر الذال أي القاطع والطاعنين أي وأمدح الطاعنين الضاربين بالرمح بمجامع الأضغان المجامع: جمع مجمع وهو إسم مكان من الجمع والأضغان: جمع ضغن وهو الحقد فإنه كني بمجامع الأضغان التي هي مختصة بالقلوب; إذ لا تجتمع الأضغان في غيرها عن القلوب فكانت الكناية هاهنا مما يكون المكنى عنه فيه الموصوف لا الصفة ولا النسبة؛ لأنهما مذكورتان صراحة فلا يطلبان بالكناية والكناية إن كثرت فيها الوسائط في الانتقال منها إلى المكنى عنه سميت تلويحا; لأن كثرة الوسائط يوجب بعد الإدراك غالبا والتلويح في الأصل؛ أن يشار إلى الشيء من بعد نحو هو كثير الرماد أي كريم فكثرة الرماد كناية عن الكرم بوسائط كثيرة فإن كثرة الرماد المكنى به تستلزم كثرة الإحراق ضرورة أنّ الرماد لا يكثر إلا بكثرة الإحراق وكثرة الإحراق تستلزم كثرة الطبخ والخبز; لأن الغالب أن الإحراق لفائدة الطبخ والخبز وكثرتهما تستلزم كثرة الآكلين؛ لأن العادة إن المطبوخ إنما يطبخ ليؤكل.