مبالغةً؛ لكمالِها فيه، ويكون بـ½من¼، نحو: ½لي من فلان صديق حميم¼، أو ½في¼، كما في قوله تعالى: ﴿ لَهُمۡ فِيهَا دَارُ ٱلۡخُلۡدِ ﴾ [فصلت: ٢٨]. أو ½الباء¼، نحو: ½لئن سألت فلاناً، لتسئلنّ به البحر¼
الصفة مبالغة لكمالها فيه أي: وإنّما يرتكب الانتزاع المذكور; لأجل إفادة المبالغة في كمال تلك الصفة في ذلك الأمر المنتزع منه ووجه إفادة ذلك الانتزاع المبالغة لما تقرّر في العقول من أنّ الأصل والمنشأ لما هو مثله في غاية القوّة حتّى صار يفيض بمثالاته ثمّ التجريد: لايخلو إمّا أن يكون بتوسط حرف يستعان به على إفادة التجريد أو بدونه، والأوّل إمّا أن يكون بـ½من¼ أو بـ½في¼ أو بـ½الباء¼ والثاني إمّا إن يكون بمخاطبة الإنسان نفسه أو بغير ذلك فهذه أقسام أشار إليها وإلى أمثلتها بقوله: ويكون بـ½من¼ أي: ويكون التجريد حاصلا بدخول من التجريدية على المنتزع منه نحو قولهم في المبالغه في وصف فلان في الصداقة لي من فلان صديق حميم أي: قريب يهتم لأمره كما قال في الصحاح: حميمك قريبك الذي تهتم لأمره فدخلت فيه من التجريدية على فلان؛ ليفيد المبالغة في وصفه بالصداقة، فإنّه يدل على أنّه بلغ في مراتب الصداقة إلى حيث ينتزع ويستخرج منه صديق آخر مثله أو يكون التجريد حاصلا بدخول في على المنتزع منه كما في قوله تعالى في التهويل بأمر جهنّم ووصفها بكونها دارا ذات عذاب مخلّد ﴿ لَهُمۡ فِيهَا دَارُ ٱلۡخُلۡدِ ﴾ أي: لهم في جهنّم دار الخلد مع أنّ جهنّم نفسها دار الخلد ولكن بولغ في اتصافها بكونها داراً للخلود وكونها لا ينفكّ أهلها عن عذابها حتّى صارت بحيث تفيض عنها دار أخرى هي مثلها في ذلك الاتّصاف أو يكون التجريد بدخول الباء على المنتزع منه نحو قولهم في المبالغة في وصف فلان بالكرم لئن سألت فلانا لتسئلنّ به البحر فقد بولغ في اتصاف فلان بالسماحة حتّى صار بحيث ينتزع منه كريم آخر يسمى بحرا مثله في الكرم أو يكون التجريد بدون توسط حرف ï