والسلام أوصى بنيه بوصايا، منهاّ أنّه قال: إذا أردتم فعل شيء فإن اضطربت قلوبكم فلا تفعلوه، فإنّي لَمّا دنوت من أكل الشجرة اضطرب قلبي عند الأكل. ومنها: أنّه قال: إذا أردتم فعل شيء فانظروا في عاقبته فإنّي لو نظرت في عاقبة الأكل ما أكلت من الشجرة. ومنها: أنّه قال: إذا أردتم فعل شيء فاستشيروا الأخيار فإنّي لو استشرت الملائكة لأشاروا عليّ بترك الأكل من الشجرة.
قوله صلى الله عليه وسلم: (وَكَرِهتَ أَن يَطَّلِعَ عَلَيهِ النَّاسُ) لأنّ الناس قد يلومون الإنسان على أكل الشبهة وعلى أخذها وعلى نكاح امرأة قد قيل: إنّها أرضعت معه، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ) وقد قيل: وكذلك الحرام إذا تعاطاه الشخص يكره أن يطلع عليه الناس، ومثال الحرام الأكل من مال الغير، فإنّه يجوز إن كان يتحقّق رضاه، فإن شك في رضاه حرم الأكل، وكذلك التصرّف في الوديعة بغير إذن صاحبها، فإنّ الناس إذا اطلعوا على ذلك أنكروه عليه، وهو يكره اطلاع الناس على ذلك لأنّهم ينكرون عليه.
قوله صلى الله عليه وسلم: (مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ، وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأفْتَوْكَ) مثاله الهديّة إذا جاءتك من شخص، غالب ماله حرام، وترددت النفس في حلّها، وأفتاك المفتي بحلّ الأكل فإنّ الفتوى لا تزيل الشبهة، وكذلك إذا أخبرته امرأة بأنّه ارتضع مع فلانة، فإنّ المفتي إذا أفتاه بجواز نكاحها لعدم استكمال النصاب لا تكون الفتوى مزيلة للشبهة، بل ينبغي الورع وإن أفتاه الناس، والله أعلم.