كان من مطلوبات الدنيا؟ قيل في الجواب: إنَّه لم يخرج في الظاهر لها، وإنَّما خرج في الظاهر للهجرة، فلمّا أبطن خلاف ما أظهر استحق العتاب واللوم، وقيس بذلك من خرج في الصورة الظاهرة لطلب الحج وقصد التجارة، وكذلك الخروج لطلب العلم إذا قصد به حصول رياسة أو ولاية.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فَهِجْرَتُهُ إِلى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ) يقتضي أنَّه لا ثواب لِمَن قصد بالحجّ التجارة والزيارة، وينبغي حمل الحديث على ما إذا كان المحرّك والباعث له على الحجّ إنّما هو التجارة، فإن كان الباعث له الحجّ فله الثواب، والتجارة تبع له إلاّ أنّه ناقص الأجر عمّن أخرج نفسه للحج، وإن كان الباعث له كليهما فيحتمل حصول الثواب؛ لأنّ هجرته لم تتمحّض للدنيا، ويحتمل خلافه؛ لأنّه قد خلط عمل الآخرة بعمل الدنيا، لكنّ الحديث رتّب فيه الحكم على القصد المجرّد، فأمَّا من قصدهما لم يصدق عليه أنَّه قصد الدنيا فقط، والله سبحانه وتعالى أعلم.