قوله رضي الله تعالى عنه: (وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوْقُ)، أي: شهد الله له بأنَّه الصادق، والمصدوق بمعنى المصدّق فيه.
قوله صلَّى الله عليه وسلَّم (يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِيْ بَطْنِ أُمِّهِ) يحتمل أن يراد أنَّه يجمع بين ماء الرجل والمرأة فيخلق منهما الولد كما قال الله تعالى: ﴿ خُلِقَ مِن مَّآءٖ دَافِقٖ﴾ الآية، [الطارق:٦].
ويحتمل أنَّ المراد أنَّه يجمع من البدن كلّه، وذلك أنَّه قيل: إنَّ النطفة في الطور الأوّل تسري في جسد المرأة أربعين يوماً، وهي أيام التوحمة، ثم بعد ذلك تجمع ويذر عليها من تربة المولود فتصير علقة ثم يستمرّ في الطور الثاني فيأخذ في الكبر حتى تصير مضغة، وسمّيت مضغة لأنَّها بقدر اللقمة التي تمضغ، ثم في الطور الثالث يصوّر الله تلك المضغة ويشقّ فيها السمع والبصر والشم والفم، ويصوّر في داخل جوفها الحوايا والأمعاء، قال الله تعالى: ﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡحَامِ كَيۡفَ يَشَآءُۚ﴾ الآية [آل عمران: ٦]، ثم إذا تَمّ الطور الثالث وهو أربعون صار للمولود أربعة أشهر نفخت فيه الروح، قال الله تعالى: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّنَ ٱلۡبَعۡثِ فَإِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن تُرَابٖ﴾ يعني: أباكم آدم﴿ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ﴾ يعني ذرّيّته، والنطفة: المني، وأصلها الماء القليل وجمعها نِطاف،﴿ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٖ ﴾ وهو الدم الغليظ المتجمد، وتلك النطفة تصير دماً غليظاً ﴿ ثُمَّ مِن مُّضۡغَةٖ﴾ وهي لحمة﴿ مُّخَلَّقَةٖ وَغَيۡرِ مُخَلَّقَةٖ ﴾ [الحج:٥]. قال