عنوان الكتاب: شرح الأربعين النووية

أربعاً أعتق الله كلّه من النار))[1].

فإن قيل: المالك إذا أعتق بعض عبده سرى العتق إلى باقيه والله تعالى أعتق الربع الأول فلم يسر عليه، وكذلك الباقي.

فالجواب: أنّ السراية قهريّة، والله تعالى لا تقع عليه الأشياء القهريّة بخلاف غيره، ولا يقع في حكمه سبحانه ما لا يريد، قال الله تعالى: ﴿ ۞إِنَّ ٱللَّهَ ٱشۡتَرَىٰ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَنفُسَهُمۡ وَأَمۡوَٰلَهُم ﴾ الآية [التوبة:١١١].

قال بعض العلماء: لم يقع بيع أشرف من هذا، وذلك أنّ المشتري هو الله، والبائع المؤمنون، والمبيع الأنفس، والثمن الجنّة.

وفي الآية دليل على أنّ البائع يجبر أوّلاً على تسليم السلعة قبل أن يقبض الثمن، وأنّ المشتري لا يجبر أوّلاً على تسليم الثمن.

وذلك أنّ الله تعالى أوجب على المؤمنين الجهاد حتّى يقتلوا في سبيل الله فأوجب عليهم أن يسلموا الأنفس المبيعة ويأخذوا الجنّة. فإن قيل: كيف يشتري السيّد من عبيده أنفسهم، والأنفس ملك له؟ قيل: كاتَبهم ثم اشترى منهم، والله تعالى أوجب عليهم الصلوات الخمس والصوم وغير ذلك، فإذا أدّوا ذلك فهم أحرار، والله تعالى أعلم.


 



[1]       "سنن أبي داود"، كتاب الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، ر:٥٠٦٩، ٤/٤١٢.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

151