القديم بالذات: هو الذي لا يكون وجوده من غيره، والقديم بالزمان: هو الذي لا أول لزمانه، والمحدث بالذات: هو الذي يكون وجوده من غيره، والمحدث بالزمان: هو الذي لزمانه ابتداء، وقد كان وقت لم يكن هو فيه موجوداً، ثم انقضى ذلك الوقت وجاء وقت صار هو فيه موجوداً، وكل حادث زماني فهو مسبق بمادة ومدة، لأن إمكان وجوده سابق علي وجوده، وإلا لما كان قبله ممكناً، ثم صار ممكناً، فيلزم انقلاب الشيء من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي، هذا خلف، وذلك الإمكان أمر وجودي، إذ لا فرق بين قولنا: إمكانه لا، وبين قولنا: لا إمكان له، فلو كان الإمكان عدمياً لم يكن الممكن ممكناً، هذا خلف، والإمكان إمّا أن يكون قائماً بنفسه أو لا، لا جائز أن يكون قائماً بنفسه؛ لأن إمكان الوجود إنما هو بالإضافة إلى ما هو إمكان الوجود له، فلا يكون قائماً بنفسه، فيكون قائماً بمحل، وهو المادّة.
فصل في القوة والفعل
القوة هي الشيء الذي هو مبدأ التغيّر في آخر من حيث هو آخر، وكلّ ما يصدر عن الأجسام في العادة المستمرة المحسوسة من الآثار والأفعال كالاختصاص بـ"أين" و"كيف" و"حركة" و"سكون" فهي صادرة عن قوة موجودة فيه؛ لأن ذلك إما أن يكون لكونه جسماً أو لأمور اتّفاقية أو لقوّة موجودة فيه، والأوّل باطل، وإلا لاشتركتِ الأجسام فيه، والثاني أيضاً باطل وإلّا لما كان ذلك مستمرّاً ولا أكثرياً؛ لأنّ الأمور الاتّفاقية لا تكون دائمة ولا أكثرية، فإذن هو عن قوّة موجودة فيه، وهو المطلوب.
فصل في العلة والمعلول
العلة تقال لكلّ ما له وجود في نفسه، ثم يحصل من وجوده وجود غيره، وهي أربعة أقسام: مادّيّة وصوريّة وفاعليّة وغائيّة. أما المادّيّة فهي التي تكون جزءاً من المعلول، لكن لا يجب بها أن يكون بالفعل كالطين للكوز، وأما العلة الصورية فهي التي تكون جزءا من المعلول، لكن يجب بها أن يكون المعلول موجوداً بالفعل كالصورة للكوز، وأما الفاعليّة فهي التي يكون منها وجود المعلول كالفاعل للكوز، وأما الغائيّة فهي التي لأجلها وجود المعلول كالغرض المطلوب من الكوز.