على الطبيعة الكُلّية؛ لأنَّ كلَّ كلي فإنَّ نفسَ تصوُّرِه غير مانع من الشِّركة بين كثيرين، والشخص من حيث هو مانع من الشِّركة، فالتشخُّص زائدٌ على الطَّبيعة الكُليّة.
فَصل في الواحد والكثير
أمَّا الواحد فيُقال على ما لا ينقسم من الجِهة التي يُقال له: إنَّه واحد، وهو قد يكون بالجِنس كالإنسان والفرس، وقد يكون بالنَّوع كزيدٍ وعمروٍ، وقد يكون بالمحمول كالقطن والثلج، وقد يكون بالموضوع كالكاتب والضاحك، وقد يكون واحداً بالعدد، وهو قد يكونُ غيرَ حقيقيٍ، وحينئذٍ قد يكون بالاتّصال، وهو الذي ينقسم بالقوَّة إلى أجزاءٍ متشابهةٍ كالماء، وقد يكون بالتَّركيب، وهو الَّذي له كثرةٌ بالفِعل كالبيت، وقد يكون حقيقيّاً، وهو الَّذي لا يَنقسم أصلاً. أمّا الكثير فهو الذي يقابل الواحد.
هِداية: الإثنان قد يتقابلان وهما اللَّذانِ لا يَجتمعان في شيء واحد من جهةٍ واحدةٍ، وأقسامُه أربعةٌ، أحدُها: الضِّدان، وهما الموجودان غير المتضائفين كالسواد والبياض، وثانيها: المتضائفان، وهما الموجودان تعقل كل واحد منهما بالنسبة إلى الآخر كالأُبُوَّة والبُنُوَّة، وثالثُها: المتقابلان بالعَدَم والملكة، وهما أمران يكون أحدهما وُجوديّاً والآخر عَدَميّاً، لكن يعتبر فيهما موضوع قابل لذلك الموجود كالبصر العمى والعلم والجهل، ورابعُها: المتقابلان بالسَّلب والإيجاب كالفرسيَّة واللافرسيّة، وذلك في الضّمير لا في الوجود العيني.
فصل في المتقدم والمتأخر
أمَّا المتقدم فيقال على خمسةِ أشياءٍ، أحدُها: المتقدم بالزَّمان، وهو الظَّاهر، والثاني: المتقدم بالطَّبع، وهو الذي لا يُمكن أن يُوجَد الآخر إلا وهو موجود معه، وقد يُمكن إن يوجد وليس الآخر بموجود كتقدم الواحد على الإثنين، والثالث: المتقدم بالشرف كتقدّم أبي بكر على عمر رضي الله عنهما، والرابع: المتقدم بالرتبة، وهو ما كان أقرب من مبدأ محدود كترتب الصفوف في المسجد منسوبة إلى المحراب، والخامس: المتقدم بالعليّة كتقدّم حركة اليد على حركة القلم، وأمّا المتأخر فيقال على ما يقال المتقدم.