الجسمانية، وتتحرك بالإرادة، فلها قوة مدركة ومحركة. أما المدركة فهي إما في الظاهر أو في الباطن، أما التي في الظاهر فهي خمس: السمع والبصر والشم والذوق واللمس، وأما التي في الباطن فهي أيضاً خمس: الحس المشترك والخيال والوهم والحافظة والمتصرفة. أما الحس المشترك فهو قوة مرتبة في مقدمة التجويف الأول في الدماغ تقبل جميع الصور المنطبعة في الحواس الظاهرة، وهي غير البصر؛ لأنا نشاهد القطرة النازلة خطاً مستقيماً، والنقطة الدائرة بسرعة خطاً مستديراً، وليس ارتسامهما في البصر إذ البصر لا يرتسم فيه إلا المقابل وهو القطرة والنقطة فإذا ارتسامهما إنما يكون في قوة أخرى. وأما الخيال فهو قوة مرتبة في مؤخر التجويف الأول، تحفظ جميع صور المحسوسات وتمثلها بعد الغيبوبة، وهي خزانة الحس المشترك. وأما الوهم فهو قوة مرتبة في آخر التجويف الأوسط من الدماغ، تدرك المعاني الجزئية الموجودة في المحسوسات كالقوة الحاكمة في الشاة بأن الذئب مهروب عنه، والولد معطوف عليه. وأما الحافظة: فهي قوة مرتبة في أول التجويف الآخر من الدماغ، تحفظ ما تدركه القوة الوهمية من المعاني الجزئية الغير المحسوسة الموجودة في المحسوسات، وهي خزانة القوة الوهمية. وأما المتصرفة فهي قوة مرتبة في البطن الأوسط من الدماغ، من شأنها تركيب بعض ما في الخيال أو الحافظه مع بعض، وتفصيله عنه. وأما القوة المحركة فتنقسم إلى باعثة وفاعلة. أما الباعثة فهي القوة التي إذا ارتسمت في الخيال صورة مطلوبة أو مهروبة عنها، حملت الفاعلة على التحريك، وهي إن حملت الفاعلة على تحريك يطلب به الأشياء المتخيلة ضارّة أو نافعة لحصول اللذة، تسمى قوة شهوانية، وإن حملت على تحريك يدفع به الشيء المتخيل ضارّاً أو مفيداً طالباً للغلبة، تسمى قوة غضبية. وأما الفاعلة فهي التي تعد العضلات على التحريك.
فصل في الإنسان
هو مختص بالنفس الناطقة، وهي كمال أول لجسم طبعي آلي من جهة ما تدرك الأمور الكلية وتفعل الأفعال الفكرية، فلها قوة عاقلة تدرك بها التصورات والتصديقات، وقوة عاملة تحرك بها بدن الإنسان إلى الأفعال الجزئية بالفكر والروية على مقتضى آراء تخصها، والنفس باعتبار القوة العاقلة لها مراتب أربع، المرتبة الأولى: أن تكون خالية عن جميع المعقولات، بل هي مستعدة لها، وهي العقل الهيولاني، والمرتبة الثانية: أن تحصل لها المعقولات البديهية وتستعدّ لأن تنتقل من