البديهيات إلى النظريات، وهي العقل بالملكة، والمرتبة الثالثة أن تحصل لها المعقولات لكن لا تطالعها بالفعل بل صارت مخزونة عندها، وهي العقل بالفعل، والمرتبة الرابعة: أن تطالع معقولاتها المكتسبة، وهي العقل المطلق، وتسمى معقولاتها عقلاً مستفاداً، ثم العقل بالملكة إن كان في الغاية تسمى قوة قدسية. واعلم أن القوة العاقلة مُجرّدة عن المادّة؛ لأنّها لو كانت مادّيّة لكانت ذات وضع، فإمّا أن لا تنقسم أو تنقسم، لا سبيل إلى الأول؛ لأن كل ما له وضع ينقسم، على ما مر في نفي الجزء، ولا سبيل إلى الثاني؛ لأن معقولاتها إن كانت بسيطة يلزم انقسامها؛ لأن الحال في أحد جزئيها غير الحال في الجزء الآخر، وإن كانت مركبة، وكل مركب إنما يتركب من البسائط، فيلزم انقسام تلك البسائط، هذا خلف، ونقول أيضاً: إن التعقل ليس بالآلة الجسمانية، وإلا يعرض لها الكلال لضعف البدن، وليس كذلك؛ لأن البدن بعد الأربعين يأخذ في النقصان مع أن القوة العاقلة هناك تشرع في الكمال، ونقول أيضاً: إن النفوس الناطقة حادثة؛ لأنها لو كانت موجودة قبل البدن، فالاختلاف بينها إما أن يكون بالماهية ولوازمها أو بعوارضها المفارقة، لا جائز أن يكون بالماهية ولوازمها؛ لأنها مشتركة، وما به الاشتراك غير ما به الامتياز، ولا جائز أن يكون بالعوارض المفارقة؛ لأن العوارض المفارقة إنما تلحق الشيء بسبب القوابل؛ لأن الماهية لا تستحق العوارض لذاتها، وإلا لكان العارض لازماً، والقابل للنفس إنما هو البدن، فمتى لم تكن الأبدان موجودة لم تكن النفوس موجودة، فتكون حادثة ضرورة.
القسم الثالث في الإلهيات
وهُو مُرتَّب على ثلاثةِ فنونٍ.
الفن الأوَّل في تقاسيم الوجود وهو مرتَّب على سبعةِ فُصُولٍ.
فصل في الكلي والجزئي
أمَّا الكُلّي فليس واحداً بالعدد، وإلا لكان الشيء الواحد بالعدد بعينه موصوفاً بالأعراض المُتضادَّة مثل: كونُه أسود وأبيض، هذا خُلف، بل هو معنى معقول في النفس مطابق لكل واحد من جزئياته في الخارج، على معنى أنّ ما في النَّفس لو وجد في أيِّ شخص من الأشخاص الخارجيّة لكان هو ذلك الشَّخص بعينه من غير تفاوُت أصلاً. وأمَّا الجزئيُّ، فإنما يتعيّن بمشخّصاتِه الزائدةِ