ويدلّ على نبوغه في كلّ علم وفنّ تصانيفه في جميع العلوم والفنون باللغات العديدة، لَم يدع علماً ولا فنّاً إلاّ صنّف فيه، فأجاد وأبدع، وأتى بما لَم يأت به المتقدّمون، وقدّم بحوثاً في العلوم الكثيرة لَم يسبق إليها، وقد صنّف في خمسين علماً وفنّاً، وبهذه الناحية قد تفرّد الإمام وامتاز في التأريخ الإسلامي القريب؛ لأنّه لَم يصنّف أحد من علماء العالم في أكثر من خمسة وثلاثين فنّاً، ولكن الإمام البريلوي قد اقتدر على التصنيف في أكثر من خمسين فنّاً.
تصانيف الإمام قد نيفت على عدد الألف كلّها عظيمة الجدوى، كبيرة المنافع، جمّة الفوائد، غزيرة المعارف، غالية القيم، ممتلئة البحوث المفيدة، زاخرة التحقيقات العجيبة، متدفقة المواد النادرة، حاوية المسائل الجديدة، والتصانيف كلّها تدلّ على علمه العظيم، وعقله الكبير، ومقدرته الهائلة، ومواهبه الكبرى، لَم يختر موضوعاً إلاّ أنهاه إلى حدّ لَم يدع مجالاً لمزيد التحرير، كما قال عبد الله بن محمّد صدقة بن الشيخ زيني دحلان[1]: صاحب التصانيف الدالّة على وفرة اطلاعه وغزارة مادّته وطول باعه الإمام الذي ما ترك باباً مغلقاً إلاّ فتح صياصيه ولا أمراً مشكلاً إلاّ أوضح مبانيه[2].
وممّا لا ريب فيه أنّ الفاضل البريلوي كان من عباقرة الفقه الإسلامي