كلمة المجمع
الحمد لله الذي فطر الناس على الفطرة التي هي أحسن وأقوم وكرّم بني آدم، وعلّم الإنسان ما لم يعلم وآتاه الحكمة والفقه الأحكم فجعله أفطن وأعلم، وأودع في قلبه ما هو أهمّ وأعظم، وأسمع وأنطق من كان أخرس وأصمّ وأبكم، وأفاض عليه من نعمائه فصار بها أفضل وأكرم، والصلاة والسلام على رسوله العليّ الأمجد الأفخم وعلى آله وأصحابه أولي العلم والفضل والكرم.
أمّا بعد:
إنّ هذا العصر المادي البحت الذي نعيش فيه ونقضي حياتنا بين خلاله هو يمتاز بميزات بارزة وخصائص وافرة لا يكاد يساويه أيّ عصر من العصور الماضية والقرون الخالية، إنّه بلغ مبلغاً عالياً في الترفع والطموح وأحرز قصب السباق في التقدم والعمران وقد توفّرت فيه وسائل الحياة وتشعبت فيه شعب العلوم والفنون وتنوّعت أقسامها وتكرّمت أنواع الاكتشافات والاختراعات الجديدة العجيبة.
والحقّ أنّ الإنسان قد نجح في آماله ومراميه التي كانت نصب عينه إلى حدّ تحيّرت النفوس وطارت به الألباب والعقول، كأنّ الأرض انطوت والسماء تساقطت وبطون طبقات الأرض أخرجت أثقالها ودفائنها والبحار