عنوان الكتاب: دروس البلاغة

كقوله:

وَقَالَ رَائِدُهُمْ أَرْسُوْا نُزَاوِلُهَا
.

 

فَحَتْفُ كُلِّ امْرِئٍ يَجْرِيْ بِمِقْدَارِ
[[

أو بأن لا يكون بينهما مناسبةٌ في المعنى، كقولك: ½عليّ كاتب، الحمام طائر¼؛ فإنّه لا مناسبة في المعنى بين كتابة عليّ وطيران الحمام، ويقال في هذا الموضع إنّ بين الجملتين كمالَ الانقطاع.

كقوله: وَقَالَ رَائِدُهُمْ وهو الذي يتقدّم القوم لطلب الماء والكلاء، والمراد به هاهنا عريف القوم، أي: الشجاع المقدام منهم أَرْسُوْا أي: أقيموا بهذا المكان الملائم للحرب نُزَاوِلُهَا بالرفع لا بالجزم، جواباً للأمر، أي: نحاول أمر الحرب ونعالجها فَحَتْفُ كُلِّ امْرِئٍ يَجْرِيْ بِمِقْدَارِ ½الفاء¼ في قوله: ½فحتف¼ للتعليل، أي: لا تخافوا بمحاولة الحرب من الحتف والموت؛ لأنّ حتف كلّ امرئ... إلخ، فقوله: ½أرسوا¼ في هذا الشعر جملة إنشائيّة لفظاً ومعنًى، وقوله: ½نزاولها¼ جملة خبريّة، وبينهما تباين تامّ، فلذا لم تعطف الثانية على الأولى أو بأن لا يكون بينهما مناسبة في المعنى مع كونهما غير مختلفَين خبراً وإنشاء كقولك: ½عليّ كاتب، الحمام طائر¼؛ فإنّه لا مناسبة في المعنى بين كتابة عليّ وطيران الحمام لا باعتبار المسند إليه ولا باعتبار المسند، مع أنّهما متّفقان خبراً ويقال في هذا الموضع إنّ بين الجملتين كمالَ الانقطاع[1] أي: كمال الانقطاع بلا إيهام، فإنّ الموضع الثاني من الوصل أيضاً، يقال فيه: ½إنّ بين الجملتَين كمال الانقطاع¼، لكن يقال فيه: ½كمال الانقطاع مع الإيهام¼، كما قال في الحاشية: ½كما يقال... إلخ¼، فاختلاف الحكم بين هذين الكمالين بوجوب الوصل في أحدهما، والفصل في الآخر بسبب  ï


 



[1] كما يقال في الموضع الثاني من الوصل والعطف هناك لدفع الإيهام. ١٢ منه.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239