فيترك العطف دفعاً للوهم، كقوله:
وَتَظُنُّ سَلْمَى أَنَّنِيْ أَبْغِيْ بِهَا |
| بَدَلاً أُرَاهَا فِيْ الضَلاَلِ تَهِيْمُ |
فجملة ½أراها¼ يصحّ عطفها على ½تظنّ¼، لكن يمنع من هذا توهّم العطف على جملة ½أبغي بها¼، فتكون الجملة الثالثة من مظنونات سلمى مع أنّه ليس مراداً، ويقال بين الجملتين في هذا
فيترك العطف دفعاً للوهم أي: دفعاً لوهم عطفها على الأخرى الموجب للفساد في المعنى كقوله:
وَتَظُنُّ سَلْمَى أَنَّنِيْ أَبْغِيْ بِهَا |
| بَدَلاً أُرَاهَا فِيْ الضَلاَلِ تَهِيْمُ |
فجملة ½أراها¼ يصحّ عطفها على جملة تظنّ لوجود المناسبة بين هاتين الجملتين، وهي الاتّحاد بين مسنديهما؛ لكون ½أرى¼ بمعنى ½أظنّ¼، وشبّه التضايُف بين المسند إليه في الأولى وبينه في الثانية، فإنّ المسند إليه في الأولى ½سلمى¼، وهي محبوبة، وفي الثانية الضمير المستتر في ½أرى¼ العائد إلى الشاعر المتكلّم، وهو محِبّ، فيتوقّف تعقّل كلّ منهما على تعقّل الآخر باعتبار وصف المحبوبيّة والمحبّيّة، فبين الجملتَين مناسبة باعتبار المسندَين والمسند إليهما، فلو عطف جملة ½أراها¼ على جملة ½تظنّ سلمى¼ لكان صحيحاً وموافقاً لمراد الشاعر إذ المعنى حينئذ: إنّ سلمى تظنّ كذا، وأظنّها كذا لكن يمنع من هذا توهّم العطف على جملة ½أبغي بها¼، فتكون الجملة الثالثة وهي جملة ½أراها¼ أيضاً من مظنونات سلمى ويكون معنى الشعر الإخبار بظنّ سلمى، أنّها تظنّني موصوفاً بوصفين؛ أحدهما: أنّي أبغي، وأطلب بها بدلاً، والآخر أنّى: أظنّها أنّها تهيم في أودية الضلال مع أنّه ليس مرادًا للشاعر، بل مراده الإخبار عن ظنّها: ½أَنَّنِيْ أَبْغِيْ بِهَا بَدَلاً¼، والإخبار عن ظنّ نفسه: إنّها تخطئ في ظنّها بي هذا الظنّ وتهيم، وتذهب بسبب هذا الظنّ في أودية الضلال، ويقال بين الجملتَين في هذا الموضع: