عنوان الكتاب: دروس البلاغة

ويقال بين الجملتين في هذا الموضع توسّط بين الكمالين.

جملة ½الله يستهزئ بهم¼ لزم تشريكها لها في كونها مقيّدة بذلك الظرف، فيلزم أن يكون استهزاء الله بهم أيضاً مختصًّا بحال خلوّهم إلى شياطينهم مع أنّ استهزاء الله بهم دائم غير مقيّد بحال الخلوّ ويقال بين الجملتين في هذا الموضع توسّط بين الكمالين[1] أي: بين كمال الانقطاع وكمال الاتّصال؛ لأنّ الجملة الثانية في هذا الموضع لا تكون متّحدة مع الجملة الأولى؛ بأن تكون بدلاً منها، أو بياناً لها، أو مؤكّدة لها، كما في كمال الاتّصال، ولا مباينة عنها؛ بأن تكون مخالفة لها في الخبريّة والإنشائيّة، أو لم يوجد بينهما وبين الجملة الأولى مناسبة في المعنى، كما في كمال الانقطاع، بل هي مع كونها مغايرةً للجملة الأولى في المفهوم والمقصود، تكون موافقة لها في الخبريّة وتوجد بينها وبين الجملة الأولى مناسبة وجهة جامعة أيضاً، فلا تكون فيها بالنسبة إلى الجملة الأولى كمال الاتّصال ولا كمال الانقطاع، بل هي بين بين، فلذا يقال هاهنا: ½إنّ بين الجملتين توسّطاً بين الكمالَين¼، ولهذا الوجه بعينه يقال في الموضع الأوّل من الوصل أيضاً: أن بين الجملتَين توسّطاً بين الكمالين إلاّ أنّ الحكم قد اختلف في هاتَين الصورتَين للتوسّط؛ لوجود مانع من العطف هاهنا وعدمه هناك، كما قال في الحاشية: ½كما يقال بين الجملتين في الموضع الأوّل...إلخ¼، فعلم من هذا البيان أنّ الأحوال التي بين الجملتَين خمسة: ½كمال الانقطاع¼ و½شبهه¼ و½كمال الاتّصال¼ و½شبهه¼ و½التوسط بين الكمالَين¼، ما ذكره من صورتَي وجوب الوصل، ليس خارجاً عن هذه الخمسة، والأصل في الأربعة الأولى الفصل، وفي الخامسة الوصل، لكنّ الحكم قد يختلف لوجود المانع من الفصل أو الوصل.


 



[1] كما يقال بين الجملتين في الموضع الأوّل من الوصل غير أن الفصل هاهنا لقصد عدم التشريك. ١٢ منه.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239