عنوان الكتاب: دروس البلاغة

إنَّ الثَمَانِيْنَ وَبُلِّغْتَهَا
.

 

قَدْ أَحْوَجَتْ سَمْعِيْ  إلَى تَرْجَُمَانِ
[[

ونحو قوله تعالى: ﴿ وَيَجۡعَلُونَ لِلَّهِ ٱلۡبَنَٰتِ سُبۡحَٰنَهُۥ وَلَهُم مَّا يَشۡتَهُونَ[النحل: ٥٧].

إنَّ الثَمَانِيْنَ وَبُلِّغْتَهَا * قَدْ أَحْوَجَتْ سَمْعِيْ لثقله بمعنى هذه السنة إلَى تَرْجَُمَانِ بفتح التاء والجيم، ويقال أيضاً: بضم الجيم وفتح التاء، وهو في الأصل: من يفسّره لغة بلغة، لكنّ المراد به هاهنا من يفسّر بصوت أجهر من الصوت الأوّل ; ليسمع ما يقال، فقوله: ½بلّغتها¼ اعتراض بين أجزاء جملة ;لغرض الدعاء للمخاطب بطول عمره بلوغه ثمانين سنة، والواو فيه ½واو الاعتراض¼ وكالتنـزيه لله سبحانه في نحو قوله تعالى: ﴿ وَيَجۡعَلُونَ لِلَّهِ ٱلۡبَنَٰتِ سُبۡحَٰنَهُۥ وَلَهُم مَّا يَشۡتَهُونَ فقوله تعالى: ½سبحانه¼ جملة معترضة؛ لأنّه مصدر منصوب بفعل مقدّر، أي: أسبّحه تسبيحاً، وهي أيضاً وقعت بين أجزاء جملة واحدة؛ لأنّ المراد بالجملة الواحدة مجموع المسند إليه والمسند مع المتعلّقات والفضلات، ولو بالعطف لا مجموع المسند إليه والمسند فقط، فقوله تعالى: ½ولهم ما يشتهون¼ ; لكونه معطوفاً على قوله تعالى: ½لله البنات¼ أيضاً من المتعلّقات كالمعطوف عليه، والجملة المعترضة واقعة بين هذين المتعاطفين، وفائدة الاعتراض هاهنا التنـزية لله تعالى، وهو في غاية المناسبة للمقام؛ لأنّ المقصود من هذا الكلام بيان شناعتهم في نسبة البنات إليه تعالى ونسبة البنين لأنفسهم، فبيان تنـزيهه تعالى وبُعده عمّا أثبتوا له في أثناء الكلام تزداد به الشناعة في هذه النسبة، ومثال الاعتراض بين الجملتَين المتّصلتَين معنى قوله تعالى: ﴿فَأۡتُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ o نِسَآؤُكُمۡ حَرۡثٞ لَّكُمۡ﴾ [البقرة: ٢٢٢-٢٢٣]. فإنّ قوله تعالى: ½إنّ الله يحبّ التوّابين ويحبّ المتطهرين¼ اعتراض بين جملتَين إحداهما، قوله تعالى: ﴿ فَأۡتُوهُنَّ مِنۡ حَيۡثُ أَمَرَكُمُ ٱللَّهُۚ ﴾، وثانيتهما قوله تعالى: ½نساؤكم حرث لكم¼، ï


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

239