أعني أَوْلاهم بالميراث أقربُهم إلى الميِّت، وإن استَوَوا في القُرْب فوَلَد العَصَبة أَوْلى مِن وَلَد ذوي الأرْحام كبنت ابن الأخ وابن بنت الأخت كلاهما لأب وأمّ أو لأب أو أحدهما لأب وأمّ والآخَر لأب المال كلّه لبنت ابن الأخ لأنّها وَلَد العَصَبة، ولو كانا لأمّ المال بينهما للذَكَر مثل حظّ الأنثيَين عند أبي يُوسُف رحمه الله تعالى باعتبار الأبدان وعند محمّد رحمه الله تعالى المال بينهما أنصافاً باعتبار الأُصُول بِهذه الصورة:
أولاد البَناتِ وبَناتِ الابن (أعني) بكون الحكم في هؤلاء كالحكم في أولئك أنّ (أَوْلاهم بالميراث أقربهم إلى الْميِّت) دَرَجةً كبنت الأخت فإنها أولى من ابن بنت الأخ لأنها أقرب منه إلى الميِّت (وإن استَوَوا) أي: أصحاب الصِنْف الثالث (في القُرْب) في الدَرَجة وفي البُعْد فيها (فوَلَد العَصَبة أَوْلى مِن وَلَد ذوي الأرْحام كبنت ابن الأخ وابن بنت الأخت) فبنت ابن الأخ تكون أولى من ابن بنت الأخت إذا كان (كلاهما) أي: البنت والابن (لأب وأمّ أو) كان كلاهما (لأب أو) كان (أحدهما لأب وأمّ و) كان (الآخَر لأبٍ) فيكون (المال كلّه لبنت ابن الأخ لأنّها وَلَد العَصَبة) وهو ابن الأخ لأب وأمّ أو لأب بخلاف ابن بنت الأخت فإنه ولد ذات الرحم وهي بنت الأخت (ولو كانا) أي: البنت والابن (لأمّ) فلا تفضيل للبنت على الابن لأنّ كُلاًّ منهما حينئذ ولد ذي الرحم، فيُقسَم (المال بينهما) أي: بين البنت والابن (للذَكَر مثل حظّ الأنثيَين عند أبي يُوسُف رحمه الله تعالى باعتبار الأبدان) لأنّ توريث ذوي الأرحام بمعنى العُصُوبة فيُفضَّل فيه الذَكَر على الأنثَى (وعند محمّد رحمه الله تعالى) يُقسَم (المال بينهما) أي: بين البنت والابن (أنصافاً باعتبار الأُصُول) وهو ظاهر الرواية، ووجهه أنّ استحقاقهما للميراث بقرابة الأمّ وباعتبار هذه القرابة لا تفضيل للذَكَر على الأنثَى أصلاً بل قد تُفضَّل الأنثَى على الذَكَر كما إذا تَرَك أبَوَي الأمّ، فإن لم تُفضَّل الأنثَى ههنا فلا أقلّ من التساوي اعتباراً بالمُدلَى به وهو الأخ والأخت لأمّ فإنهما شريكان مستويان في الثُلُث (بِهذه الصورة:) انظر في المتن