عنوان الكتاب: مجموعة الأزهار لحفظ الأحاديث والآثار

مثبتا للحفظ يظهر جلياً في أن العمل بالحديث يجعل معاني الحديث واقعاً عملياً، والمحسوسات أثبت في الذهن من المعنويات. وأهمّ من ذلك أن العمل بالعلم سبب لتوفيق الله تعالى إلى العلم والزيادة منه، وكما قال تعالى: ﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ وَيُعَلِّمُكُمُ ٱللَّهُۗ﴾ [البقرة:٢٨٢]، والمعنى: اتقوا الله في جميع أوامره ونواهيه، إنه يُعلّمكم ما يكون إرشاداً واحتياطاً في أمر الدنيا، كما يُعلّمكم ما يكون إرشاداً في أمر الدين. وقال الإمام القرطبي: وعد من الله تعالى بأن من اتقاه علّمه، أي يجعل في قلبه نورا يفهم به ما يُلقى إليه[1].

الرابـع: اغتنام الأوقات المناسبة في اليوم للحفظ: وهذا أمر يختلف فيه الأشخاص باختلاف أحوالهم وظروف طلبهم للمعاش وغير ذلك. غير أن الذي يذكره أهل التجربة: هو أن أفضل الأوقات للحفظ الليل عموماً والفجر، ويخصون من الليل آخره، وهو وقت السحر، بشرط أن يكون طالب العلم قد نام مِن أول الليل، وأخذ حاجته من النوم. أبو مسعود أحمد بن الفرات يقول: ½لم نزل نسمع شيوخنا يذكرون أشياء في الحفظ فأجمعوا أنه ليس شيء أبلغ فيه إلا كثرة النظر، وحفظ الليل غالب على حفظ النهار¼. قال إسماعيل بن أبي أويس: ½إذا هممتَ أن تحفظ شيئا، فنمْ ،وقمْ عند السحر، فأسرج، وانظر فيه، فإنك لا تنساه بعد إن شاء الله¼. قال المنذر للنعمان ابنه: ½يا بني أحب لك


 

 



[1] تفسير الرازي, ٤/٥٨, تفسير القرطبي, ٣/٤٠٦.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

138