فصل في أن القوة المتحرِّكة للفلك يجب أن تكون مجردة عن المادة
لأن القوة المحركة للفلك تقوى على أفعال غير متناهية، ولا شيء من القوى الجسمانية كذلك، فالمحرِّك للفلك ليست قوة جسمانية، وإنما قلنا: إن القوة الجسمانية لا تقوى على تحريكات غير متناهية؛ لأن كل قوة جسمانية فهي قابلة للتجزي، وكل قوة قابلة للتجزي، فإن الجزء منها يقوى على شيء، والجملة تقوى على مجموع تلك الأشياء، وإلا لكان الجزء مساوياً للكل في التأثير، هذا خُلف، ومتى كان كذلك فالمجموع لايقوى على غير المتناهي؛ لأن الجزء منها إما أن يقوى على جملة متناهية من مبدأ معين أو على جملة غير متناهية، والثاني باطل؛ إذ المجموع يقوى على ما هو زائد، فيلزم الزيادة على غير المتناهي المتسق النظام، هذا خُلف، فعلم أن الجزء يقوى على جملة متناهية، والجزء الآخر مثله، فالمجموع لا يقوى على غير المتناهي؛ لأن انضمام المتناهي إلى المتناهي لا يوجب اللاتناهي، فثبت أن كل ما يقوى عليه القوة الجسمانية فهو متناهٍ.
فصل في أن المحرك القريب للفلك قوة جسمانية
لأن التحريكات الاختيارية لا تقع إلا عن أرادة إما أن تقع عن تصور كلي أو جزئي، لا سبيل إلى الأول؛ لأن التصور الكلي نسبته إلى جميع الجزئيات على السوية، فلا يقع منه بعض الحركات الجزئية دون بعض، وإلا لزم الترجيح بلا مرجح، فمبدأ التحريكات الجزئية له تصورات جزئية، وكل ما له تصور جزئي فهو جسماني؛ لأن الصورة الجزئية ترتسم وهي أصغر، وترتسم وهي أكبر، فإما أن يكون الاختلاف في الصغر والكبر لاختلاف الصورتين بالحقيقة أو لاختلاف المأخوذ عنه الصورتان بالصغر والكبر، أو لاختلافهما في المحل من المدرك، لا سبيل إلى الأول؛ لأنا نتكلم في الصورتين من نوع واحد، ولا سبيل إلى الثاني؛ لأن الصورة المختلفة بالصغر والكبر لا يجب أن تكون مأخوذة من خارج، فتعين القسم الثالث، فتكون الكبيرة منهما مرتسمة في غير ما ارتسمت فيه الصغيرة، فينقسم المدرك لا محالة في الوضع، فما هذا شأنه فهو جسماني، فهو المطلوب.
الفن الثالث في العنصريات: وهو مشتمل علی ستة فصول.
فصل في البسائط العنصرية
الماءِ والأرض والنّار والهَوَاء کُلّ واحد منها يُخالف الآخر في صورته الطبعية، وإلَّا لشغل کل