بعد أنْ أفلتْ شمس الإسلام بسب كثرة الفتن والغفلات، وأصبح الدين في موطنه غريبًا، وعم الجهل وساد الظلام، وصار المسجد وحيدًا، وتلقفت الناس فتن وشهوات، وتفرقت بهم السبل، وتاهوا في الطرقات، انبثقت من هناك من أعماق الشرق جذوة مضيئة، فاستنارت الأرض من حولها وبدأ الخير والنور ينتشر من ضوء شمعة.
ولعل بعض الناس يقول: ماذا ستفعل شمعة في هذا الظلام؟
أو يقول آخر: ماذا يفعل رجل مصلح في هذا الزِّحام؟
دعونا نستمع لنرى هل يصحّ هذا الكلام؟!
نعم لقد أوقد هذه الجذوة رجل يحمل همّ أمّة، يبتغي لها الصلاح والنجاة، فبدأ يحمل هذا النور وهو يحمل همّ البشرية، يرجو لها الهداية والخير، بدأ هذا الرجل وحيدًا يحثّ الناس على ارتياد المساجد والحفاظ على الصلوات، يكلّمهم أينما وجدهم، ويذهب إليهم حيثما كانوا، يذكّرهم بالله ورسوله، يعلّمهم السنن ويحبِّبهم فيها، حتى الْتف من حوله مجموعة من المحبّين، فأصبحوا جماعة يحملون همّ الدعوة لنشر الدين وإحياء السنن حتى صارت أعمالهم وحركاتهم،