كما أنّ الذهبَ يصيرُ حليةً بعد الذَّوبان والصياغة، والحديدُ يُصبحُ أسلحةً بعد التلين والتصنيع، والأرضُ الصلبةُ بعد شقِّها وفلاحتها تحتضنُ الزرعَ وتصبح خضراء، فإنَّ الإنسان هكذا باللين والانكسار والتواضع يصبح لطيفًا شفيقًا رحيمًا سمْحًا حليمًا ويتحلى بالأخلاق الحميدة، وكذلك بالقساوة وغَلاظة القلب يُصبحُ متكبرًا قاسيًا ظالِمًا، نعم بحسن الخلق يرِقُّ القلبُ، وبرقَّة القلب يقتربُ العبدُ من الربّ سبحانه تعالى، وتُرفَع درجاتُه.
وقد قرأتم في الفقرات السابقة أن النُّفور من المرضى، وعدمَ الشُّعور بآلام الآخرين نقطتان تدخُلان ضمنَ الخُلُق السيّء أيضًا، وهو غير مقبول في الإسلام أيًّا كان سببُه ولو في زمن انتشار الأوبئة، بل إنَّ التعامل مع المصاب بالوباءِ بأخلاقٍ غيرِ جيدة يعتبر من سوء الأخلاق؛ لأنّ المريض بحاجةٍ إلى الشفقة.
نذكر هنا بعض الأحاديث التي على أهمية حسن الخلُق وضرورته:
(١) قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ مِنْ أَكْمَلِ المُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا، وَأَلْطَفُهُمْ بِأَهْلِهِ»[1].