أقول: ويبتنى على ما اختاره أنّ الإسراف مكروه تحريماً؛ لأنّ المستثنى إذا ثبتت فيه كراهة التنزيه فلو لم تكن في المستثنى منه إلاّ هي لم يصحّ الثنيا، فإن قلت: معها مسألة الزيادة للطمأنينة عند الشكّ وقد حكموا عليهما بحكم واحد وهو لا بأس به وهذه الزيادة مطلوبة قطعاً لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم[1]: ((دع ما يريبك)) فكيف يحمل على كراهة التنزيه؟
قلت: المعنى لا يمنع شرعاً فيشمل المكروه تنزيهاً والمستحب، هذا ورده في ردّ المحتار أخذاً من ط بأنّهم علّلوه بأنّه نور على نور، قال[2]: (وفيه إشارة إلى أنّ ذلك مندوب، فكلمة: لا بأس وإن كان الغالبُ استعمالهَا فيما تركُه أولى لكنّها قد تُستعمل في المندوب، كما صرّح به في البحر من الجنائز والجهاد).
أقول: الندب لا ينافي الكراهة، فلا يبعد أن يكون مندوباً في نفسه؛ لما فيه من الفضيلة، لكنّ تركه في مجلس واحد أولى. قال في الحلبة[3]: (النفل لا ينافي عدم الأولويّة) اﻫ، ذكره في صفة الصّلاة مسألة القراءة في الأُخريَين. وقال السيّد ط في حواشي المراقي[4]: (الكراهة لا تنافي الثواب، أفاده العلاّمة نوح[5]) اﻫ، قاله في فصل الأحقّ بالإمامة، مسألة الاقتداء بالمخالف.